ضرورة تقييد الولايات المتحدة استخدام إسرائيل للأسلحة لتجنب التواطؤ في جرائم الحرب

قامت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) بتذكير وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن في رسالة أُرسلت يوم الجمعة الموافق 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأن القانون الأمريكي يتطلب من الولايات المتحدة مراقبة وضمان الأسلحة والذخائر التي تقدمها لإسرائيل والتأكد من عدم استخدامها لارتكاب جرائم حرب في غزة. وحذّرت المنظمة من أن عدم الامتثال لمتطلبات مراقبة الاستخدام النهائي لا ينتهك القوانين الأمريكية فحسب، بل يمكن أيضًا أن يعرّض المسؤولين الأمريكيين للملاحقة القضائية من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهمة المساعدة والتحريض على جرائم حرب.

وفي رسالة منفصلة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان يوم الجمعة، طلبت منظمة (DAWN) من المدعي العام على وجه السرعة إصدار بيان عام لتذكير أطراف النزاع بالتحقيق الجاري هناك وإرسال فريق تحقيق إلى منطقة غزة في فلسطين لتوثيق الجرائم المحتملة والتحقيق فيها بموجب نظام روما الأساسي.

قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): “إذا كان المسؤولون الأمريكيون لا يهتمون بالمدنيين الفلسطينيين الذين يواجهون فظائع بسبب استخدام الأسلحة الأمريكية، فربما يثير اهتمامهم مسؤوليتهم الجنائية الفردية عن مساعدة إسرائيل في تنفيذ هذه الفظائع”. وأضافت: “لم يوافق الشعب الأمريكي قط على مساعدة إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين العزل بالقنابل والمدفعية الممولة من دافعي الضرائب”.

يفرض قانون مراقبة تصدير الأسلحة وقانون المساعدات الخارجية على وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكيتين وضع بروتوكولات لمراقبة الاستخدام النهائي لعمليات نقل الأسلحة. وتهدف هذه التدابير إلى ضمان استخدام الأسلحة بطريقة مسؤولة وبما يتوافق مع القانون الدولي. وعلى الرغم من هذه المتطلبات القانونية، كانت الولايات المتحدة تاريخيًا متساهلة في تطبيق هذه القوانين المتعلقة بالأسلحة المقدمة لإسرائيل. وقد دعا أعضاء الكونغرس مؤخرًا إلى تعزيز مراقبة الاستخدام النهائي والتتبع المالي للمساعدات الأمريكية لإسرائيل. لا يزال الغموض يكتنف ما يزيد عن 3.3 مليار دولار من عمليات نقل الأسلحة وتمويل الأسلحة إلى إسرائيل، مع محدودية المعلومات والمراقبة.

بالإضافة إلى ذلك، يتطلب برنامج إرشادات الاستجابة لحوادث الأضرار المدنية الجديد لإدارة بايدن من المسؤولين الأمريكيين التحقيق في “الأضرار التي لحقت بالمدنيين من قبل الحكومات الشريكة المشتبه في استخدامها للأسلحة الأمريكية والتوصية باتخاذ إجراءات قد تشمل تعليق مبيعات الأسلحة”. وحثت منظمة (DAWN) الوزير بلينكن على التحقيق في الأضرار التي لحقت بالمدنيين نتيجة لاستخدام إسرائيل للأسلحة والذخائر الأمريكية في غزة بموجب برنامج إرشادات الاستجابة لحوادث الأضرار المدنية والتأكد من أن مثل هذه المراقبة تجري بالفعل.

قد يواجه المسؤولون الأمريكيون مسؤولية جنائية فردية لمساعدة إسرائيل وتحريضها بالأسلحة المستخدمة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي، في ضوء تحقيق المحكمة الجنائية الدولية المنتظر في فلسطين، والذي يغطي جميع الجرائم المرتكبة منذ 13 يونيو/حزيران 2014. تنص المادة 25 (3) (ب) من نظام روما الأساسي بوضوح على أن “توفير الوسائل لارتكاب” جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، وغزة هي ضمن اختصاصات المحكمة، يعتبر مسؤولية جنائية وعرضة للعقاب في المحكمة الجنائية الدولية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ليست طرفًا في نظام روما الأساسي أو دولة طرف في المحكمة، إلا أن المواطنين الأمريكيين سيخضعون مع ذلك لولاية المحكمة في الأماكن التي تتمتع فيها المحكمة بالولاية القضائية وتقوم باجراء تحقيقات فيها، مثل غزة. إنّ الأدلة التي تثبت أن الولايات المتحدة تقوم بمراقبة استخدام إسرائيل لأسلحتها، وتحقق من عدم استخدامها في هجمات إجرامية على غزة، وتعلّق عمليات نقل الأسلحة الجديدة في مواجهة أدلة على سوء استخدام أسلحتها، يمكن أن تكون بمثابة دفاع ضد الاتهامات الجنائية ضد المسؤولين الأمريكيين أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية أعلنت رسميًا عن تحقيقها في الجرائم المرتكبة في فلسطين في مارس/آذار 2021، إلا أنها لم ترسل أبدًا بعثة تحقيق رسمية إلى فلسطين أو إسرائيل. وحثت منظمة (DAWN) المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خان على تذكير أطراف النزاع بشكل عاجل بتحقيقه المستمر في فلسطين لردع ارتكاب الجرائم وإرسال فريق تحقيق إلى هناك لتوثيق أي جرائم.

قال مايكل شيفر عمر مان، مدير الأبحاث لشؤون إسرائيل وفلسطين في منظمة (DAWN): “أرسل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فريقًا من المحققين إلى أوكرانيا لتوثيق جرائم الحرب والتحقيق فيها بمجرد بدء الحرب، ولكن بعد مرور أكثر من أسبوع على الحرب في إسرائيل وفلسطين، لم ينطق المدعي العام ولو بكلمة واحدة فيما يتعلق بالتحقيق النشط الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين”. وأضاف: “إذا فشلت المحكمة الجنائية الدولية في إجراء تحقيقات قوية وبارزة في الجرائم الجارية الآن في غزة ومقاضاة مرتكبيها، فسوف يدمر أي مصداقية تركتها المحكمة كهيئة مستقلة ملتزمة بتوفير الحماية المتساوية لجميع ضحايا جرائم الحرب الدولية”.

ومنذ التصعيد الأخير للنزاع في إسرائيل وفلسطين، أصبحت الأدلة واضحة على أن أطراف النزاع المتعددة ارتكبت انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويشمل ذلك الهجمات المتعمدة على المدنيين في جنوب إسرائيل من جانب الجماعات الفلسطينية المسلحة، واحتجاز المدنيين كرهائن في غزة الآن. ويشمل أيضًا الحصار الإسرائيلي الشامل على الغذاء والوقود والكهرباء والمياه، ما يشكل عقابًا جماعيًا لأكثر من مليوني مدني فلسطيني في غزة، والقصف العشوائي اليومي للمدنيين، والاستهداف المتعمد للمدنيين، بما في ذلك الصحفيين، في غزة ولبنان، واستهداف المستشفيات والمساجد، وعدم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية في الهجمات. وقد تسبب القصف الإسرائيلي حتى الآن في تهجير أكثر من 400,000 فلسطيني، وقتل أكثر من 2,215 مدنيًا، من بينهم 724 طفلًا و458 امرأة، وإصابة 8,714 آخرين.

قد يعجبك ايضا