تقرير أممي: إسرائيل تنتهك حقوق أعضاء المجتمع المدني
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تتعرّض حقوق أعضاء المجتمع المدني في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة لانتهاكات من قبل السلطات في جميع المناطق من خلال المضايقات والتهديدات والاعتقالات والاستجوابات والاحتجاز التعسفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، وفقًا لتقرير صدر اليوم عن لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل (المشار إليها فيما يلي بـ”لجنة التحقيق”)، والمقدّم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
نظر التقرير في الهجمات والقيود والمضايقات التي تتعرض لها الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية.
ووجد التقرير أن غالبية الانتهاكات ترتكب من قبل السلطات الإسرائيلية كجزء من هدف حكومة إسرائيل لضمان احتلالها الدائم والحفاظ عليه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
ووجد التقرير أن الحكومة الإسرائيلية قد قيّدت الحيّز المدني بشكلٍ متزايد من خلال استراتيجية نزع الشرعية عن المجتمع المدني وإسكاته.
ويشمل ذلك تجريم منظّمات المجتمع المدني الفلسطينية وأعضائها بتصنيفهم على أنّهم “إرهابيون”، وممارسة الضغوط والتهديدات على المؤسسات التي توفّر منصّة لحوار المجتمع المدني، وممارسة الضغوط الكثيفة على المانحين وتنفيذ تدابير تهدف إلى قطع مصادر التمويل والدعم.
تُنفّذ هذه الاستراتيجية في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلّة ضد نشطاء ومنظّمات المجتمع المدني الإسرائيلية والفلسطينية، وضد المدافعين عن حقوق الفلسطينيين على المستوى الدولي.
وتحقق التقرير من أن تصنيف السلطات الإسرائيلية لست منظّمات غير حكومية فلسطينية بأنها منظمات “إرهابية”، وتصنيف منظمة فلسطينية سابعة كغير قانونية، كان غير مبرر وانتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حقوق حرية تكوين الجمعيات والتعبير والرأي والتجمع السلمي والخصوصية والحق بالمحاكمة العادلة.
تبيّن أيضًا أن السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلّة وغزّة تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطينيين والنشطاء في المجتمع المدني بهدف إسكات الآراء المعارضة.
وقد لوحظ أن اعتقال واحتجاز النشطاء الفلسطينيين من قبل السلطات الإسرائيلية والفلسطينية يمثل واقعًا قاسيًا خاصة بالنسبة للعديد من النشطاء الفلسطينيين.
وصرّحت نافانيثيم بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق قائلةً “أصدرنا اليوم تقريرًا يركّز على إسكات المجتمع المدني في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، وخلصنا إلى أن جميع الجهات المسؤولة يشاركون في الحد من الحقوق في حرّية التعبير وتكوين الجمعيات السلمية”.
وأضافت: “نحن قلقون بشكلٍ خاص إزاء وضع المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطينيين لذين يتعرضون بشكلٍ متكرّر لمجموعة من التدابير العقابية كجزء من نظام الاحتلال”.
وتابعت بيلاي: “تلك التدابير لها تداعياتٍ واسعة النطاق على الأطفال أيضًا، حيث تسهم في تفكك الأسر وزيادة الصدمة النفسية والخوف”.
أجرت لجنة التحقيق ما يربو عن 127 مقابلة مع الضحايا والشهود والخبراء وغيرهم من أجل إعداد هذا التقرير؛ وشملت هذه المقابلات جلسات استماع علنية ومغلقة عقدت في جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر2022 وآذار/مارس 2023.
وتلقّت لجنة التحقيق 21 استجابة الي الدعوة العامة لتقديم تقارير كتابية الصادرة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
خصّصت لجنة التحقيق جزءًا هامًا من التقرير لمراجعة السياسات والممارسات التقييدية وتأثيرها على مجموعات المجتمع المدني المختلفة، بما في ذلك الصحفيين والمدافعات عن حقوق الإنسان والفنانين والنشطاء الثقافيين والمراكز الثقافة الفلسطينية التي تعزز التنوّع وإدماج أفراد مجتمع الميم.
ووجد التقرير أن الصحفيين الفلسطينيين مستهدفون بشكل خاص ويتعرّضون لمضايقات متكرّرة وتدابير عقابية، كجزء من محاولة لردعهم عن مواصلة عملهم على ما يبدو.
ويتعرّض الصحفيون الإسرائيليون للمراقبة والمضايقة بشكل متزايد، ويمارسون الرقابة الذاتية بشكل متزايد خوفًا من المضايقات وفقدان وظائفهم.
تواجه المدافعات عن حقوق الإنسان مخاطر كبيرة وبارزة بسبب ظهورهن ودورهن في النضال من أجل التغيير المجتمعي والسياسي.
وقد تم استهدافهن على وجه التحديد من قبل الجهات الفاعلة في الدولة الفلسطينية والجماعات المناهضة لحقوق النوع الاجتماعي لأنه ينظر إليهن على أنهن يتحدين الأعراف الدينية والثقافية والوضع الراهن.
وجد التقرير أيضًا أن الإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية والفلسطينية لتقليص حرية التعبير في المجال الثقافي تؤثر على الفنانين والنشطاء الثقافيين وتشكّل انتهاكات للحقوق الثقافية.
وقال عضو لجنة التحقيق السيّد ميلون كوثاري “لقد أولينا أهمية كبيرة لفهم تأثير تقلّص الحيّز المدني على مجموعات محدّدة من النشطاء، وبعضهم أكثر عرضة للهجمات وعانوا من أضرار شخصية كبيرة نتيجة استهدافهم”.
وأضاف قائلًا “تعرّضت المدافعات عن حقوق الإنسان والمتظاهرات للوصم والعزلة على أساس النوع الاجتماعي مقارنةً بنظرائهن الذكور، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الاحتجاجات والمضايقات عبر الإنترنت وحملات التشهير بهدف وحيد، ألا وهو تشويه سمعتهن وردعهن عن النشاط في الأماكن العامة”.
“نحن قلقون جدًا أيضًا إزاء القيود المفروضة على الحق في الحياة الثقافية والتعبير الثقافي والفني التي أوضحناها في تقريرنا، ونشعر بقلقٍ بالغٍ إزاء التصريحات التي أدلى بها السياسيون الإسرائيليون والتي تهدف إلى محو عناصر الثقافة والهوية الفلسطينية”.
وعلى الرغم من أن التقرير ركّز بشكلٍ أساسي على الإجراءات التي اتخذتها السلطات، إلا أنه أيضًا وجد أن بعض المنظّمات غير الحكومية تلعب دورًا رئيسيًا في إسكات المجتمع المدني في الأرض الفلسطينية المحتلّة وإسرائيل وفي الضغط على أولئك الذين يدافعون عن الحقوق الفلسطينية في جميع أنحاء العالم.
وتقوم المنظّمات اليمينية في إسرائيل والخارج بتنفيذ استراتيجية الحكومة الإسرائيلية ضد المجتمع المدني والترويج لها بشكلِ فعّال.
تستهدف مجموعات فلسطينية المناهضة لحقوق النوع الاجتماعي في الضفة الغربية المحتلة المدافعين عن حقوق الإنسان النساء الفلسطينيات.
وتسمح كل من السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، وفي بعض الحالات تشجعان وتدعمان، إجراءات المنظّمات غير الحكومية التي تستهدف الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
ووجد التقرير أسبابًا معقولة تدعو للاستنتاج أن عدة إجراءات إسرائيلية التي اتخذت ضد منظّمات المجتمع المدني تشكّل انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وقد تشكل جرائمًا بموجب القانون الدولي.
وتشمل هذه الإجراءات الاحتجاز التعسفي لأعضاء منظّمات المجتمع المدني ونقلهم قسرًا من الأرض الفلسطينية المحتلّة إلى إسرائيل، ما ينتهك اتفاقية جنيف الرابعة، وإلغاء تصاريح الإقامة في القدس الشرقية، وترحيل أحد المدافعين عن حقوق الإنسان من القدس الشرقية.
وقال عضو لجنة التحقيق كريس سيدوتي: “ليس لدينا شك في أن إلغاء تصريح إقامة المدافع عن حقوق الإنسان، صلاح الحمّوري، في القدس الشرقية بناء على (انتهاك الولاء لدولة اسرائيل) المزعوم يشكل جريمة حرب”.
وأضاف: “إن مطالبة الأشخاص المحميين في الأرض المحتلّة بالولاء هو انتهاك مستهجن للقانون الدولي الإنساني”.
وتابع سيدوتي بقوله: “لقد حافظنا على معلومات حول الأفراد الذين يتحمّلون المسؤولية عما قد يشكّل جريمة حرب بالترحيل غير القانوني، بما في ذلك أطراف ثالثة مثل شركات الطيران وطاقمها الذين ساعدوا في الترحيل”.
وأوصى التقرير بأن تكفل جميع الجهات المسؤولة احترام وحماية الحق في حرية تكوين الجمعيات والتعبير والرأي والتجمع السلمي والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الصحة والسكن والتعليم، وأن تكون الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمدافعات عن حقوق الإنسان، قادرة على القيام بأنشطتها بأمان وبحرية ودون التعرّض لمضايقة أو أعمال انتقام.
وأوصى التقرير أيضًا بأن يعطي مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أولوية للتحقيق في الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك تحديد هوية المرتكبين المباشرين، والأشخاص المسؤولين عن القيادة، والأفراد الذين يساعدون أو يشاركون في ارتكاب جرائم تدخل تحت اختصاص المحكمة.