جنوب أفريقيا تقدم اتهام بالإبادة الجماعية ضد اسرائيل إلى محكمة العدل الدولية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية يوم الجمعة إصدار أمر عاجل تعلن فيه أن إسرائيل تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 في حملتها المستمرة ضد حركة حماس في قطاع غزة.
وتضطلع محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بحل النزاعات بين الدول. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في رد فعل إن القضية “لا أساس لها”.
سبق لغامبيا ان رفعت قضية مشابهة قبل اشهر ممثلة لمنظمة التعاون الإسلامي متهمة اسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في حرب غزة عام 2014.
على اسرائيل تقديم بيان مكتوب للرد على الادعاءات الواردة في اتهام جنوب أفريقيا، ثم تبدأ عملية تبادل الرد والرد المقابل لمدة عام تقريبًا.
كلا البلدين اتهم اسرائيل ارتكبت اعمالاً بهدف تدمير الشعب الفلسطيني، كليًا أو جزئيًا، وهذا يتوافق مع تعريف اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 بأن قتل الأعضاء والنية لتدمير شعب ما يشكلان إبادة جماعية.
من المرجح أن تجادل إسرائيل بأنها تصرفت دفاعًا عن النفس ضد هجمات حماس وأن الوفيات الناجمة كانت أضرارًا جانبية، وليست تدميرًا متعمدًا للفلسطينيين.
وقد تدعي إسرائيل أن القضية تنتهك قواعد الحصانة السيادية أو أن محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص المناسب، لكن المحكمة رفضت حججا مماثلة في قضية عام 2004 بشأن الجدار الأمني الإسرائيلي.
من المرجح أن تُعقد جلسات استماع علنية أمام قضاة محكمة العدل الدولية الخمسة عشر وسيقدم الممثلون القانونيون من كلا الجانبين المرافعات الشفهية.
ستصدر محكمة العدل الدولية بعد المداولة التي ستتم بعد الانتهاء من الاستماع لدفوعات الطرفين حكمًا مكتوبًا يحدد ما إذا كان المعيار القانوني للإبادة الجماعية قد تم استيفاؤه أم لا وقد تستغرق هذه المداولات بين ستة اشهر وعام ونصف تقريبا.
تضم لجنة محكمة العدل الدولية المكونة من 15 عضوًا قضاة من مجموعة متنوعة من الدول، بما في ذلك قضاة إسرائيليون وفلسطينيون يقومون بأدوار استشارية، ويجب على القضاة أن يطبقوا قانون الإبادة الجماعية بأمانة دون خوف أو محاباة لأي بلد وقدرتهم على مراجعة الأدلة والحجج القانونية بشكل موضوعي ستشكل الحكم النهائي للقضية.
من المتوقع ان يجري مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تحقيقا وسيجد ان اسرائيل وحماس ربما ارتكبا جرائم حرب، لكنه يجب ان يتوصل إلى نتائج نهائية بشأن نية استهداف المدنيين بشكل منهجي من كلا الطرفين.
إذا ثبت أن إسرائيل مذنبة، فيمكن لمحكمة العدل الدولية أن تأمر بتعويضات مثل التعويض المالي أو إصدار الإدانة الرسمية، وباعتبارها هيئة تابعة للأمم المتحدة، فإن قدرتها على الإنفاذ المباشر محدودة لكن أوامرها ملزمة قانونًا بموجب القانون الدولي.
في ظروف محدودة، يمكن استئناف أحكام محكمة العدل الدولية أو أن تطلب من المحكمة مراجعة الحكم بناءً على أدلة جديدة تظهر.
يحمل الحكم بعدا سياسيا واخلاقيا كما انه قد يتضمن امر بدفع تعويضات لكن المحكمة لا تملك القوة الجبرية لتنفيذ الحكم.
عادة ما تستغرق قضايا محكمة العدل الدولية سنوات لحلها، جنوب أفريقيا تريد إصدار حكم عاجل من المحكمة يطلب من اسرائيل وقف حملتها العسكرية لمنع مزيد من الاذى من المدنيين ريثما يتم الحكم في القضية، وقد رفضت روسيا الاستماع لطلب مماثل من المحكمة بشأن وقف حربها في أوكرانيا.
لقد حدد دبلوماسيو جنوب أفريقيا منذ فترة طويلة أوجه التشابه بين حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال وأولئك الذين عاشوا في ظل نظام الفصل العنصري، وهو النظام القانوني للفصل العنصري في جنوب أفريقيا من عام 1948 حتى عام 1994.
في يوليو/تموز 2022، أي قبل أكثر من عام من هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قال الدبلوماسي الجنوب أفريقي نالندي باندور: “بالنسبة للعديد من مواطني جنوب إفريقيا، فإن رواية نضال الشعب الفلسطيني تستحضر تجارب تاريخنا من الفصل العنصري والقمع”.
وكانت جنوب أفريقيا صريحة في إدانة القصف الإسرائيلي لغزة، وفي وقت سابق من شهر نوفمبر، استدعت جنوب أفريقيا أيضا سفيرها لدى إسرائيل وسحبت وجودها الدبلوماسي على الأرض.
رغم أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على أن كل دولة عضو “تتعهد بالامتثال” لقرارات محكمة العدل الدولية، إلا أن المحكمة تفتقر إلى القدرة المستقلة على تنفيذ أحكامها، بما في ذلك تدابيرها المؤقتة ويمكن للدول الأعضاء أن تطلب من مجلس الأمن اتخاذ إجراءات تنفيذية، لكن أي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يمكنه استخدام حق النقض ضد هذه المقترحات مثل روسيا ضد الحكم الصادر بشأن أوكرانيا او الولايات المتحدة فيما يتعلق باسرائيل وربما تقف روسيا مع اسرائيل باعتبارها رفضت اختصاص المحكمة بشأن أوكرانيا.
في عام 2017، قدمت أوكرانيا طلبا إلى محكمة العدل الدولية تؤكد أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وما تلا ذلك من أعمال “المحو الثقافي” للأوكرانيين العرقيين ومجتمع التتار، ينتهك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وزعمت أوكرانيا أيضًا في قضيتها لعام 2017 أن روسيا انتهكت الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب من خلال دعم الجماعات الانفصالية العنيفة في شرق أوكرانيا.
وقد وافقت محكمة العدل الدولية (أو “أشارت إليها” بلغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية) على جزء من طلب أوكرانيا لاتخاذ تدابير مؤقتة في عام 2017، ورأت المحكمة في عام 2019 أنها تتمتع بالاختصاص القضائي للنظر في المطالبات بموجب كلتا المعاهدتين، ولا تزال قضية الأسس الموضوعية مستمرة.