إسرائيل تقوض النظام العام في غزة والأورومتوسطي يندد بممارسات بعض المجموعات الملثمة
الأراضي الفلسطينية – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تنتهج سياسة خطيرة من تقويض للنظام العام وتفكيك منظومتي الأمن والعدالة في قطاع غزة على نحو منهجي، بشكل يضمن إهلاك الفلسطينيين بعضهم بعضًا دون تدخل عسكري مباشر منها.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي سعى منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 إلى استهداف أفراد الشرطة المدنية والأمن وأفراد تنسيق دخول المساعدات الإنساني، خلال عملهم في تأمين دخولها أو خلال تواجدهم في منازلهم وأماكن إيوائهم، لإشاعة حالة من الفوضى والانفلات الأمني، كجزء من حرب الإبادة الجماعية وخلق ظروف كارثية تؤدي إلى إهلاك الفلسطينيين في القطاع بصفتهم هذه.
وأضاف الأورومتوسطي إلى أن حالة الفوضى التي ترتبت عن تدمير منظومة الأمن وسماح الجيش الإسرائيلي لعصابات منظمة بدخول مناطق تقع تحت سيطرته العسكرية لنهب المساعدات الإنسانية أدت إلى ظهور مقلق لجماعات مسلحة مكونة من أفراد ملثمين، ترتكب اعتداءات منظمة ضد السكان المدنيين تحت ذرائع مختلفة، بما في ذلك حماية المساعدات، في انتهاك صارخ لكرامتهم وحقوقهم الأساسية التي تكفلها القوانين الدولية.
وأشار إلى أن حالة الفوضى وانهيار المنظومة الأمنية في قطاع غزة باتت بيئة خصبة لتفاقم ظاهرة الانتقام الفردي وتسوية الخلافات والثأر بطرق غير قانونية، حيث أصبحت بعض العائلات تتخذ من السلاح المنتشر بشكل مقلق وسيلة لحل النزاعات بشكل ذاتي.
وأكد الأورومتوسطي أن المنهجية التي تتبعها إسرائيل لا تشكل فقط انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي، بل إنها تُفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية التي يعيشها السكان. ولفت إلى أن هذه الظروف تفاقمت بفعل جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ 15 شهرًا، والتي أسفرت عن التدمير المنهجي للبنى التحتية المدنية، وتقويض هياكل الحوكمة، وتعميق معاناة السكان المدنيين بصورة غير مسبوقة.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثّق العديد من الحالات التي اقتاد فيها ملثمون مجهولو الهوية أشخاصًا مكبّلي الأيدي واعتدوا عليهم جسديًا، إما بالضرب المبرح أو بإطلاق النار على أطرافهم، بزعم تورطهم في سرقات، أو اعتداءات على ممتلكات خاصة وشاحنات المساعدات، أو المتاجرة بالبضائع المسروقة.
وأكد الأورومتوسطي أن هذه الممارسات تجري خارج إطار القانون، ودون أي إجراءات قضائية تضمن حقوق المتهمين أو تحقق في المزاعم الموجهة إليهم، مما يعكس غيابًا خطيرًا للعدالة وانتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه –في الوقت الذي يؤكد فيه على أهمية إيجاد آليات فعّالة لضبط الأمن والحفاظ على السلم المجتمعي في ظل الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لمنظومتي الشرطة والأمن في قطاع غزة—يشدد على ضرورة أن تُنفَّذ أي إجراءات ضمن الأطر القانونية المعتمدة، وبما يضمن احترام الكرامة الإنسانية للأفراد، وحماية حقوقهم الأساسية دون أي تجاوزات أو انتهاكات.
وأكد الأورومتوسطي أن هذه الانتهاكات تأتي في إطار نهج إسرائيلي يستهدف تدمير منظومة الأمن والعدالة في قطاع غزة، عبر قصف المؤسسات العدلية ومراكز الشرطة الرسمية والبديلة، واستهداف ضباط وعناصر الشرطة، بما في ذلك العناصر الأمنية المحلية المتمثلة في لجان أهلية أو شركات خاصة. كما تشمل الانتهاكات استهداف المحاكم والسجون؛ بهدف إشاعة الفوضى وزعزعة الاستقرار.
وأشار إلى أن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي المتكرر لعناصر الشرطة أو نقاطها المؤقتة، علاوة على تسببه في تقويض قدرة الشرطة على الحفاظ على الأمن الداخلي، يزرع الخوف في نفوس السكان ويمنعهم من التوجه إلى هذه النقاط لتقديم شكاواهم، الأمر الذي يفتح المجال أمام اللجوء إلى الفوضى، ويزيد من ظاهرة أخذ القانون باليد، مما يعمق حالة الفلتان الأمني.
وقال الأورومتوسطي إن هناك مسؤولية تقع على عاتق السلطات في قطاع غزة والفصائل الفلسطينية المعنية، وخاصة حركة حماس، لتنظيم هذه الحالة وضمان أن أي جهة مكلفة بالحفاظ على الأمن المجتمعي تلتزم بقواعد القانون وتحترم كرامة الإنسان.
وأكد المرصد الأورومتوسطي على أنه من الضروري الالتزام بمبادئ كرامة الإنسان والعدالة، وضمان التعامل المنضبط والإنساني مع الأفراد المشتبه في ارتكابهم تجاوزات.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على تكثيف الضغط على إسرائيل لوقف استهداف الشرطة ونظام العدالة، باعتبارهما مؤسسات مدنية أساسية. وأكد أن الحل الجذري لجميع الأزمات الإنسانية يكمن في وقف جريمة الإبادة الجماعية بكل أشكالها، بما يشمل الأفعال المباشرة وغير المباشرة التي تهدف إلى التدمير المنهجي للشعب الفلسطيني، مشددًا على أنه لا يمكن تحقيق العدالة والكرامة للفلسطينيين إلا من خلال وقف هذه الجرائم والانتهاكات المستمرة بشكل كامل.