إسرائيل/الأرض الفلسطينية المحتلة: الإفراج عن عامل إغاثة فلسطيني بعد حوالي تسع سنوات من الاعتقال الجائر يضع حدًّا لفصل مشين من الغبن

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن الإفراج الذي طال انتظاره عن عامل الإغاثة وسجين الرأي الفلسطيني محمد الحلبي، كجزء من صفقة تبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل وحماس، يضع حدًا لمحنته المؤلمة ولفصلٍ مشينٍ من الغبن، مكررةً دعواتها إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المدنيين في غزة والفلسطينيين المعتقلين تعسفًا في إسرائيل.

كانت قوات الشاباك الإسرائيلية قد اعتقلت محمد الحلبي، وهو المدير السابق لمنظمة وورلد فيجن (World Vision) في غزة، في 15 يونيو/حزيران 2016 عند معبر إيرز بين إسرائيل وقطاع غزة المحتل. وخضع للاستجواب دون حضور محام وتعرض للتعذيب وحوكم في جلسات استماع سرية، وأدين إثر محاكمة فادحة الجور بناءً على أدلة سرية بتهمة تحويل أموال إلى حركة حماس. وفي أغسطس/آب 2022، حكمت عليه محكمة بئر السبع المركزية بالسجن لمدة 12 عامًا.

ولدى الإفراج عنه في 1 فبراير/شباط 2025، ظهرت على الحلبي علامات تعذيبٍ وتجويعٍ جليّة، بما في ذلك فقدان مقلق للوزن.

وقالت إريكا غيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية: “استهدفت السلطات الإسرائيلية محمد الحلبي ظلمًا وبهتانًا بسبب عمله الإنساني. ما كان ينبغي اعتقاله أبدًا في المقام الأول، ناهيك عن إجباره على قضاء حوالي تسع سنوات في السجن بشكل غير قانوني. إن الإجراءات المجحفة بحقه، بما في ذلك احتجازه الاحتياطي المطول والتأجيلات المتعددة لمحاكمته التي استمرت ست سنوات والإدانة الخاطئة التي استندت بمجملها إلى إفادة “عصفور” (سجين يعمل مخبرًا)، مثّلت فشلًا صارخًا في إحقاق العدالة”.

يجب إلغاء إدانة محمد الحلبي الخاطئة فورًا. ويجب إجراء تحقيق مستقل في التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي تعرض لها أثناء استجوابه وسجنه ومحاسبة المسؤولين عنها”.

“تظهر محنة الحلبي المروعة خلف القضبان الدور الذي تلعبه منظومة القضاء الإسرائيلية القائمة على التمييز في تعزيز نظام الأبارتهايد القاسي ضد الفلسطينيين. كما تؤكد على الحاجة الملحة لإفراج السلطات الإسرائيلية عن جميع الفلسطينيين المعتقلين تعسفًا في السجون الإسرائيلية”.

اتسمت الإجراءات المتخذة بحقه بإخفاق النيابة الإسرائيلية في إثبات مزاعم تورّط الحلبي في تحويل الأموال إلى حماس، واستندت التهم الموجهة إليه إلى أدلة “سرية” وإفادة انتزعت منه بالإكراه من قبل “عصفور”. وعلى الرغم من الضغوط الهائلة، رفض الحلبي قبول عدة صفقات كان من شأنها تخفيف حكمه مقابل “الاعتراف” بالتهم المسندة إليه، والتي ينفيها نفيًا قاطعًا.

وقال الحلبي في حديث مع منظمة العفو الدولية بعد الإفراج عنه وعودته إلى منزله المتضرر بشدة في مدينة غزة: “عذبوني [السلطات الإسرائيلية] لكنهم لم يكسروا معنوياتي أبدًا. أصر على براءتي من أي من التهم الموجهة إلي، وما زلت مصرًا على إثبات ذلك في المحكمة حتى بعد إطلاق سراحي”.

ووصف كيف نُقل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى سجن نفحة في جنوب إسرائيل حيث جرت مصادرة أجهزة الراديو الخاصة بالأسرى، ومُنعت معظم زيارات المحامين، وكذلك أي اتصال بأفراد الأسرة أو المراقبين المستقلين. وطوال 15 شهرًا من الحرب، لم يتمكن من تلقي أي خبر عن أحبائه في قطاع غزة إلا في المرة الوحيدة التي تمكن فيها من مقابلة محاميه.

“كان هذا شاغلي الأسوأ: عدم معرفة ما إذا كانت زوجتي وأطفالي على قيد الحياة؛ كيف كانوا يتأقلمون مع ما يحدث؟ هل هُجّروا؟ هل قُصفوا؟ هل سأراهم مرة أخرى؟ كان ذلك أسوأ من الجوع والتعذيب اللذَيْن تعرضنا لهما [في السجن]”.

 

كما أخبر الحلبي منظمة العفو الدولية أنه حريص على استئناف عمله الإنساني:

“الحاجة إلى الإغاثة الإنسانية، وإلى طبيعة العمل الذي كنت أقوم به قبل اعتقالي، أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. في الحروب السابقة كنا نقسم المباني المتضررة إلى أبنية مدمرة كليًا وجزئيًا، لكن عندما عدت إلى مخيم جباليا للاجئين، [في شمال غزة] اكتشفت أن فئة “متضرر جزئيًا” تكاد تكون معدومة. كل المباني تقريبًا سُوّيت بالأرض”.

وأعرب الحلبي عن امتنانه للدعم الشعبي الذي تلقاه من جميع أنحاء العالم منذ اعتقاله: “حتى في أحلك ساعاتي، كنت أعرف أن الكثير من الناس يؤمنون ببراءتي، وأن مؤيدي العدالة كانوا يناضلون من أجل إطلاق سراحي. سيظل تضامنهم محفورًا دائمًا في قلبي”.

خلفية:

في 30 أغسطس/آب 2022، حكمت المحكمة المركزية في بئر السبع على محمد الحلبي بالسجن لمدة 12 عامًا. وقدم استئنافًا أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، بصفتها محكمة الاستئناف العليا، ضد إدانته، وظل الاستئناف معلقًا حتى الإفراج عنه في 1 فبراير/شباط خلال صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. وقد صنفته منظمة العفو الدولية سجين رأي في مايو/أيار 2023، وخلصت إلى أن السلطات الإسرائيلية كانت تستهدفه لترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين، ولتقليص مساحة العمل الإنساني في غزة حينها.

أطلق سراح محمد الحلبي في الدفعة الرابعة من تبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل وحماس. وتُكرر منظمة العفو الدولية دعوتها لحماس والجماعات المسلحة الأخرى إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدنيين المحتجزين كرهائن في قطاع غزة، ولإسرائيل إلى إطلاق سراح جميع الفلسطينيين المعتقلين تعسفًا، بمن فيهم أولئك الذين اختفوا قسرًا أو احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي.

قد يعجبك ايضا