إزالة العقبات: طالبو اللجوء مستثنون ماليًا في إيرلندا والمملكة المتحدة
يواجه طالبو اللجوء في الدول المستقبلة بشكلٍ عام عراقيل عدة، تتمثل بصعوبات الإدماج والإهمال والإقصاء في المجتمعات التي يصلون إليها.
فيواجهون حقيقة السكن الرديء ونقص فرص العمل والاستغلال والإجحاف إلى جانب الوضع غير القانوني المستقر والاستبعاد المالي من قبل الدولة ومؤسساتها. في إيرلندا والمملكة المتحدة، الوضع ليس مختلفًا.
عام 2019 تقدّم 35,737 شخصًا بطلب اللجوء في المملكة المتحدة، لكن تم رفض 56% منهم. عام 2020 شهد تراجعًا كبيرًا في أعداد طالبي اللجوء، بسبب جائحة فيروس كورونا وما نتج عنها من إغلاق للمطارات والموانئ، حيث كان عدد الطلبات المقدمة بين شهري أبريل ويونيو فقط 5,789 طلبًا، وهو الأدنى منذ عام 2010.
مع ذلك، بعض الأشخاص يجري النظر في طلباتهم، حيث وصل ما يقدر بنحو 4600 إلى المملكة المتحدة عن طريق قارب صغير وزورق عبر القناة الإنجليزية، مع ذلك، تُظهر التجربة أن حتى أولئك الذين تم قبول طلباتهم ما زالوا يعانون بأشكال عدة ومختلفة.
بناءً على قانون العدالة الجنائية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2010، تتطلب لوائح المملكة المتحدة أشكالًا متعددة لتحديد الهوية، وإثبات العنوان، ورقم التأمين الوطني، وإثبات الدخل. وعلى الرغم من تزويد طالبي اللجوء بوثائق مؤقتة، إلا أنها لا تعتبر بمثابة تحقق رسمي من الهوية.
أحد العوائق الرئيسة لفتح حساب مصرفي هو اشتراط البنوك تقديم جواز سفر أو إثبات آخر للهوية، لكن العديد من الأشخاص الفارين من بلدانهم لا يملكون وثائق رسمية في متناول اليد، إما بسبب تهجيرهم القسري أو أن وثائقهم تم تقديمها بالفعل إلى وزارة الداخلية البريطانية كجزء من إجراءات طلبات اللجوء الخاصة بهم.
ومع عجزهم عن فتح حساب مصرفي، لا يستطيع طالبو اللجوء دفع فواتيرهم الخاصة. يعني ذلك أيضًا أنهم غير قادرين على استخدام خدمات الهاتف المدفوعة أولاً بأول.
وبالتالي عدم التمكن من الاتصال بالأصدقاء والعائلة في أوطانهم، أو إرسال التحويلات المالية إلى من تركوا وراءهم، وهو أمرٌ زادت حدته في ظل جائحة كورونا، خاصةً أن المعاملات النقدية تم استبدالها إلى حدٍ كبير بالبطاقات الإلكترونية لأسباب صحية ووقائية.
إلى جانب ذلك، فإن عدم تقديم البنوك في المملكة المتحدة في كثير من الأحيان مستندات باللغات الأصلية للعملاء يعتبر عائقًا آخر يعترض وصول طالبي اللجوء للخدمات المصرفية. علاوةً على ذلك، غالبًا ما لا يثق طالبو اللجوء في البنوك، كما أنهم ليسوا على دراية بالنظام المصرفي في المملكة المتحدة.
أما في إيرلندا، يُستبعد طالبو اللجوء من المشاركة في النظام المالي، ويجدون أنفسهم عاجزين عن فتح حساب بنكي أساسي على الرغم من إقامتهم في البلاد لمدة شهور أو حتى لأكثر من عام.
على سبيل المثال، تطلب بعض أكبر البنوك مثل البنك المركزي الأيرلندي من المتقدمين الحصول على جواز سفر قبل فتح حساب مصرفي، في الوقت الذي لا يملك كثير من طالبي اللجوء في مثل هذه الوثائق. وحتى وإن كان بحوزتهم، فإن الحكومة عادةً ما تأخذها كجزء من عملية مراجعة طلبات اللجوء.
ورغم أن المادة 33 (2أ) من قانون العدالة الجنائية الإيرلندي الخاص بغسل الأموال وتمويل الإرهاب لعام 2010 على أنه يجب على البنوك تحديد هويات العملاء، دون الاقتصار على جوازات السفر أو بطاقات الهوية الوطنية، ترفض البنوك الإيرلندية التعامل مع طالبي اللجوء بحجة عدم توفر جواز سفر لديهم.
غالبًا ما تعد القدرة على الاعتماد على الذات أمرًا بديهيًا، لكنها أضحت امتيازًا لا يتمتع به كثير من النازحين. فكما ذكر أعلاه، غالبًا ما يتم استبعاد طالبي اللجوء من الخدمات المالية الرسمية مثل القروض المصرفية، وحسابات التوفير والائتمان في انتظار صدور حكم بشأن أوضاعهم.
وعليه، فإنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تلقي تحويلات مالية دولية، أو تسديد مدفوعات، أو الحصول على قروض، أو جني فوائد على مدخراتهم.
هذا العجز في الشمول المالي الرسمي لا يترك لطالبي اللجوء أي خيار سوى اللجوء إلى طرق غير قانونية وخطيرة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى ترحيلهم.
قد يتسبب اليأس للجوء طالبي اللجوء إلى وظائف غير قانونية وهم غير مسجلين في الدولة، مما يعرضهم أيضًا لخطر الترحيل أو الحرمان من الدعم الحكومي (بموجب القسم 115 من قانون الهجرة واللجوء في المملكة المتحدة لعام 1999).
يخرق ذلك المعايير الدولية في التعامل مع طالبي اللجوء بشكلٍ واضح، فالشمول المالي حقٌ أساسي يجب أن يتوفر لجميع الأشخاص بغض النظر عن وضع الهجرة الخاص بهم، وحرمانهم من الحق في المشاركة الاقتصادية في المجتمع يعني أيضًا أن طالبي اللجوء غير قادرين على المساهمة في الحياة الاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والاقتصادية، والسياسية في وطنهم الجديد، وبالتالي خلق فجوة بين المواطنين ومن يسعون للحصول على الإقامة.
ونظرًا لأن الحكم على وضع اللجوء يمكن أن يستغرق شهورًا أو سنوات، فإن الإقامة التي تسمح لطالبي اللجوء بالاندماج ضرورية لصلاحهم وإنتاجية المجتمع ككل.
يستطيع طالبو اللجوء الحصول على دعم اللجوء من حكومة المملكة المتحدة إن كانوا بلا مأوى أو في حال لم يكن لديهم ما يكفي من المال لشراء الحاجيات الأساسية مثل الطعام والماء.
يتلقى طالبو اللجوء مبلغًا أسبوعيًا بقيمة 37.75 جنيهًا إسترلينيًا من الحكومة أثناء انتظار البت في طلبات لجوئهم. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع الأمهات الحوامل والأمهات اللاتي لديهن أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة إلى ثلاث سنوات الحصول على ثلاثة جنيهات إسترلينية إضافية في الأسبوع، وفي حال كان لديهن طفل لم يبلغ السنة بعد، فستتلقى خمسة جنيهات إسترلينية إضافية في الأسبوع.
أما من رُفضت طلبات لجوئهم، سيحصلون على 35 جنيهًا إسترلينيًا في الأسبوع. لكن مع حقيقة أنهم لا يستطيعون الحصول على عمل، فإن هذا القدر من الدعم المالي لا يكفي لتأمين أساسيات العيش، خاصةً للأسر التي لديها أطفال صغار أو نساء حوامل.
في إيرلندا، يحصل طالبو اللجوء على مكان آمن للإقامة وعلى الدعم الأساسي. وإذا كان طالبو اللجوء يعيشون في سكن مؤمن بشكل مباشر من الحكومة، فسيحصل البالغ منهم على مبلغ أسبوعي قيمته 38.80 يورو، بينما يحصل الأطفال على 29.80 يورو أسبوعيًا.
في فبراير 2005، تم اتباع سياسة هجرة جديدة في المملكة المتحدة، تسمح لطالبي اللجوء بالعمل إذا كان عليهم الانتظار لمدة عام بعد تقديم طلباتهم. لكن يُسمح لهم بالعمل بشكلٍ محدود وحصرًا في الوظائف التي تعاني من نقص في القوى العاملة.
بالإضافة إلى ذلك، تنتهي تصاريح عملهم بمجرد إصدار حكم بشأن طلباتهم، مما لا يترك لمن تم رفض طلباتهم أي خيار سوى قبول عمل غير قانوني أو المخاطرة بسلامتهم من خلال العودة إلى البلدان التي فرّوا منها بسبب الحرب أو الاضطهاد.
واجهت سياسة العمل في المملكة المتحدة انتقادات واسعة من المنظمات غير الحكومية، والمنظمات الدولية، والبرلمان. ففي الجلسات البرلمانية 2019-2021، دعت عدة أحزاب إلى تعديل قانون تنسيق الهجرة والضمان الاجتماعي للتقليل من الوقت الذي يجب أن ينتظره طالبي اللجوء قبل الحصول على تصريح العمل.
ويعد الوضع في إيرلندا أفضل ولكن ليس بالكثير، ففترة الانتظار تصل إلى تسعة أشهر قبل منح تصريح العمل.