إجراءات غير قانونية ضد طالبي لجوء عالقون على امتداد طريق البلقان
لا يوجد خلاف على حق كل دولةٍ في تأمين حدودها، ولكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب حقوق المهاجرين الأساسية من خلال الاستخدام المفرط للقوة وتجنّب الامتثال للالتزامات الدولية.
عمليات صد المهاجرين غير شرعية، وهي عمليات قمعية تعبّر فيها سلطات بلدٍ ما عن رفضها لدخول أو خروج المهاجرين من ذلك البلد، وفي بعض الأحيان تتم هذه العمليات في أعالي البحار، مما يحرم المهاجرين الفرصة من تقديم طلب لجوء وبعض الضمانات الإجرائية.
بشكل عام، منذ بداية العام الماضي، وبشكل خاص منذ مايو 2020، كثّفت منظمات حقوق الإنسان من تحذيراتها بشأن سلسلة القمع الوحشية الهادفة لصد المهاجرين بين كل من إيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا والبوسنة إلى خارج منطقة الاتحاد الأوروبي.
في 28 مايو 2020، نشرت منظمة الاتحاد الإيطالي للتضامن ومنظمة كاريتاس في تريستا، وهما منظمتان إيطاليتان لمساعدة المهاجرين، بيانًا أدانتا فيه سلطات الحدود في شمال شرق إيطاليا بسبب عمليات القمع ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، وإرجاعهم بشكل غير قانوني إلى سلوفينيا.
في يوليو من ذات العام، قضت المحكمة الإدارية في ليوبليانا بأنّ قمع طالب لجوء كاميروني (24 عامًا)، وإرجاعه إلى كرواتيا في عام 2019 خطوة غير قانونية للشرطة السلوفينية، والتي بدورها لم توفر الضمانات القانونية اللازمة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
فتح قرار المحكمة الإدارية باب النقاش مرة أخرى حول عمليات القمع بحق المهاجرين وطالبي اللجوء، وسلط الضوء على الممارسات الوحشية بحقهم، والممتدة منذ فترة طويلة، والتي اعتادت كل من إيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا على إخفائها، والآن تهدف هذه الدول إلى تطبيع هذه الممارسة.
في الشهر ذاته، اعترفت وزارة الداخلية الإيطالية بإعادة مهاجرين إلى سلوفينيا بصورة غير رسمية، حيث وصفت “إجراءات إعادة الدخول غير الرسمية” بأنها قانونية، وزعمت أنها جاءت تطبيقًا لاتفاقية إعادة القبول الإيطالية السلوفينية والتي أُبرمت في روما في 3 سبتمبر 1996.
وبالمثل، بررت السلطات السلوفينية العملية مستشهدًة بالاتفاقية الثانئية مع كرواتيا والتي أُبرمت عام 2006.
لكن خبراء قانونيين في إيطاليا وسلوفينيا لا يتشاركون نفس الرأي، إذ ترى جمعية الدراسات القانونية حول الهجرة في إيطاليا أنّ العملية برمتها تشتمل على عيوب جسيمة لأن الاتفاقية التي استشهدت بها الحكومة الإيطالية مشكوك في شرعيتها القانونية.
يتفق المركز القانوني لحماية حقوق الإنسان والبيئة في سلوفينيا مع نفس الرؤية، حيث يقول إنّ العملية تتعارض مع النظام القانوني الأوروبي.
وبما أن عمليات إعادة طالبي اللجوء غير الرسمية لا تراعي متطلبات الحماية الخاصة بهم، فإنها تنتهك حظر الطرد الجماعي، ومبدأ عدم الإعادة القسرية، وتتعارض مع قانون اللجوء في الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن القوانين المحددة بموجب لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 604/2013 والتي تعرف بلائحة دبلن III ولائحة الاتحاد الأوربي 399/2016 والتي تعرف بقانون حدود شنغن، وتنتهك كل من ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان واتفاقية اللاجئين عام 1951.
لا يُكفل للمهاجرين المرحلين الوصول إلى إجراءات اللجوء، ما يجعل من المستحيل إجراء تقييم فردي لحاجتهم إلى الحماية الدولية. أثناء عمليات الإعادة، لا يوجد قرار مكتوب بشأن سبب أو مكان نقل المهاجرين، ولا تقرير رسمي أو دليل.
ووفقًا لإفادات المهاجرين الذين عانوا من عمليات الإعادة القسرية، فإنّهم يُعطون تقريرًا عن الهوية ومحل الإقامة، ويتم تعيين محامي الدفاع جنبًا إلى جنب مع شكوى دخول غير قانوني إلى البلاد من قبل شرطة الحدود الإيطالية، ثم دون أي تفسير أو إمكانية الطعن القانوني ضد هذا القرار، يتم نقلهم بواسطة شاحنة وتسليمهم إلى السلطات السلوفينية ثم الكرواتية ليجدوا أنفسهم في البوسنة، وغالبًا ما يتم سرقة أموالهم وملابسهم وهواتفهم المحمولة ويصبحون ضحايا العنف النفسي والجسدي من قبل شرطة الحدود.
في يوليو/ تموز، صرحت وزارة الداخلية الإيطالية بأنها تعتبر سلوفينيا وكرواتيا دولتين آمنتين كعضوين في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك يبدو من المناسب التعبير عن مخاوف قوية، حيث تم الإبلاغ عن حالات عنف جسدي ومعاملة مهينة ضد المهاجرين بين يناير ومايو 2020.
سجّلت كرواتيا أكثر من 60% من مجمل حالات الإعادة القسرية، وتشير التقارير الأخيرة إلى أن أعداد حالات الإعادة القسرية آخذ في الازدياد.
في يونيو/ حزيران، أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، فيليبي غونزاليز موراليس، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، نيلز ميلزر، بيانًا مشتركًا أعلنا فيه أن كرواتيا “أخضعت المهاجرين إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المحظورة بموجب القانون الدولي “.
لا يمكن للحكومة الإيطالية أن تستمر في التظاهر بتجاهل حقيقة أن المهاجرين الذين أُعيدوا من إيطاليا إلى سلوفينيا ثم إلى كرواتيا يُنقلون قسرًا إلى البوسنة وخارج منطقة الاتحاد الأوروبي.
كما لا يمكنهم الاستمرار في التظاهر بتجاهل تنفيذ مثل هذه العمليات دون إبلاغ المهاجرين المرحلين بحقوقهم، ولا سيما حقهم في طلب اللجوء.
كما يتم تنفيذ هذه العمليات دون تقديم المساعدة القانونية واللغوية للمهاجرين المرحلين. فهو يترك المهاجرين الذين تم التخلي عنهم تحت رحمة العنف الوحشي من قبل الشرطة، التي لا ينبغي أن تكون لها سلطة تقرير ما إذا كان الشخص يمكنه التقدم بطلب اللجوء أم لا.
ومع ذلك، استمرت إيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا في إرسال المزيد من أفراد الشرطة للسيطرة على حدودها منذ يوليو/ تموز، وفي بداية سبتمبر/ أيلول، نشرت السلطات البوسنية المزيد من ضباط الشرطة في شمال شرق البوسنة على طول طريق عبور رئيسي لمنع المهاجرين من العبور إلى غرب أوروبا.
ونظرًا لمنع المناطق الإدارية المجاورة للبوسنة المهاجرين من محاولة العبور، نشرت كرواتيا وحدات معززة من الشرطة لمطاردة ومعاقبة من يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي، الذين يجدون أنفسهم محاصرين في كانتون أونا سانا– نقطة الانطلاق الأخيرة لمحاولة الدخول إلى كرواتيا – في لعبة قط وفأر قاسية لا تنتهي أبدًا.
اقرأ أيضاً: إيطاليا تصعد الانتهاكات بحق المهاجرين وطالبي اللجوء باحتجازها أخر طائرة إنقاذ