إتجاهات ناشئة مرعبة في ممارسة الإخفاء القسري في السعودية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تستخدم المملكة العربية السعودية الإخفاء القسري كأسلوب استراتيجي لبث الرعب داخل المجتمع.
وفيما يحيي العالم اليوم الدولي لضحاياه في 30 أغسطس، تبرز السعودية من بين الدول التي تمارس الإخفاء القسري على نطاق واسع، فيما باتت تستخدمه بطرق جديدة في الآونة الأخيرة.
وفقا للإعلان العالمي المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإنه يحصل حين يتم القبض على شخص ثم ترفض الجهات المسؤولة “الكشف عن مصيره وعن أماكن وجوده أو رفض الاعتراف بحرمانه من حريته، مما يجرده من حماية القانون”.
وثقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان خلال السنوات الماضية استخدام السعودية للإخفاء القسري خلال مراحل مختلفة، حيث يتعرض العديد من الأشخاص منذ لحظة الاعتقال لإخفاء يبدأ بساعات وقد يستمر إلى سنوات.
تتبع المنظمة بين أن السعودية تستخدم الإخفاء القسري بشكل ممنهج ضد المعتقلين، ففما استمر إخفاء علي مزيد عام إلى أن تم ترحيله من دون توجيه تهم ولا محاكمة، فهي تخفي حاليا عامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان بعد إصدار حكم بسجنه 20 عاما حيث تمنع عائلته من الوصول إلى معلومات عنه أو التواصل معه.
إضافة إلى ذلك تبين صكوك الأحكام حرمان العديد من المعتقلين من حقهم في التواصل مع العالم الخارجي وتعرضهم لإخفاء قسري عند الاعتقال لأيام أو حتى شهور، وفي بعض الحالات يستمر الإخفاء القسري حيث لا زال أحمد المغسل مختفيا منذ أغسطس 2015، وسليمان الدويش مخفيا منذ أبريل 2017 حتى اليوم. إضافة إلى ذلك، تستخدم السعودية سياسة الإخفاء القسري لجثامين الأفراد الذين تنفذ بحقهم أحكام إعدام في تعذيب نفسي مستمر لعائلاتهم.
مؤخرا، بدأت السعودية بانتهاج سياسة جديدة في الإخفاء القسري لم تكن سائدة في السابق، حيث باتت تخفي مدافعين عن حقوق الإنسان معتقلين بعد انتهاء مدة محكوميتهم.
محمد القحطاني هو أستاذ في الإقتصاد وعضو مؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية حسم.
اعتقل في مارس 2013، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات والمنع من السفر بسبب نشاطه الحقوقي. انتهت مدة حكمه في نوفمبر 2022.
منذ 23 أكتوبر 2023، وبعد تقديم عائلته شكوى عن تعرضه لاعتداءات من سجناء آخرين، فقدت التواصل معه. ورغم كل المحاولات، لم تعرف العائلة مكانه ومصيره، ولا زال حتى اليوم مخفي قسريا.
وفيما تؤكد الأمم المتحدة أن الإختفاء القسري يؤثر على أسر المخفيين وأصدقائهم حيث لا يعلمون إن كان الضحية “لا يزال على قيد الحياة، وإذا كان الأمر كذلك، فأين يحتجز، وما هي ظروف احتجازه، وما هي حالته الصحية”، فإن عائلة القحطاني التي تعيش في الخارج، تعاني من تأثيرات ما يتعرض له منذ اعتقاله وحتى إخفائه.
إضافة إلى ذلك، وفي إحياء اليوم العالمي تشير الأمم المتحدة إلى أن المرأة في الأغلب هي التي تتصدر الكفاح لإيجاد حل للفضية، وهذا هو حال مها، زوجة محمد القحطاني، التي تعمل من أجل الكشف عن مصير زوجها من خلال الاتصال الدائم بسجن الحائر، والمحكمة الجزائية المتخصصة، إلى جانب النشر عن القضية.
عيسى النخيفي هو مدافع عن حقوق الإنسان اعتقل في ديسمبر 2016، وحكم عليه بالسجن 6 سنوات والمنع من السفر بسبب نشاطه.
في أكتوبر 2022 أعلن الإضراب عن الطعام بسبب عدم إطلاق سراحه على الرغم من انتهاء مدة حكمه، ومنذ ذلك الحين وهو مخفي قسريا. تحاول عائلته التواصل معه من دون فائدة.
أكدت الأمم المتحدة على أنه: “تزداد محنة الأسر من جراء العواقب المادية للإخفاء، وفي بعض الحالات فإن الأسرة التي لا تعرف إن كان محبوبها سيعود يوما، من الصعب عيها التكيف بالوضع الجديد، وتعيش الأسرة مهمشة اقتصاديا واجتماعيا”.
تعاني عائلة النخيفي من تبعات اعتقاله وإخفائه قسريا منذ سنوات، وفي ظل انعدام أي معلومة عنه تتعاظم المخاوف على حياته وسلامته.
أشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن النهج الجديد الذي تتبعه الحكومة السعودية في إخفاء المدافعين عن حقوق الإنسان بعد انتهاء مدة حكمهم، يعكس محاولتها نشر الرعب في المجتمع وعلى صعيد الناشطات والنشطاء.
وأوضحت المنظمة أنه فيما أبدت الأمم المتحدة قلقها من ممارسات خاصة تتعلق بالإخفاء القسري، فإن السعودية تطبقها بشكل ممنهج، وبينها:
- المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، وأقارب الضحايا.
- استغلال الدول أنشطة مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك التزاماتها.
- استمرار مرتكبو أعمال الاختفاء القسري في الإفلات من العقاب على نطاق واسع.
وأكدت المنظمة أن الجهات المسؤولة عن عمليات الإخفاء في السعودية، وبينها إدارات السجون، والمحاكم، والنيابة العامة لا تكتفي بتكريس سياسة الإفلات من العقاب، بل إنها تعمد إلى تهديد العائلات التي تستمر بالسؤال عن مصير أفرادها، وتحاول ترهيب كافة الجهات التي يمكن أن تنشط في الدفاع عن المخفيين قسريا.
اعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الإخفاء القسري لطالما شكل نهجا في السعودية، كما أنه يمهد لانتهاك حقوق أساسية بينها الحق في الحرية والحق في عدم التعرض للتعذيب والحق في المحاكمة العادلة.
إلا أن الاتجاهات الناشئة الجديدة في إخفاء مدافعين أنهوا محكوميتهم لمئات الأيام، يشير إلى مدى الانحدار الذي تشهده حقوق الإنسان في السعودية خلال السنوات الأخيرة.