غموض حول وفاة خبير اقتصادي في الحجز بعد إخفائه قسراً يستوجب تحقيقاً مستقلاً وعاجلاً
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – كشفت المتابعات لحادثة وفاة الباحث الاقتصادي وعضو في حزب الإصلاح والتنمية “أيمن هدهود” بعد شهرين من إخفاءه قسريا في مصر وجود شبهات كثيرة تتعلق بانتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وقد أكدت صحيفة “الواشنطن بوست” ذلك في افتتاحيتها معتبرة أنها “مشبوهة للغاية وينبغي التحقيق فيها بدقة”.
لقد طرحت الصحيفة تسؤلات عديدة حول الحادثة منها:
- كيف لباحث اقتصادي بارز أن يتم إخفاءه قسريا لأكثر من شهرين دون إعلام عائلته إلا بعد وفاته؟
- وكيف تفسر السلطة المصرية إعلام عائلة أيمن هدهود بعد شهر كامل من وفاته؟
“أيمن هدهود”، مؤسس حزب الإصلاح والتنمية الليبرالي. وعمل مستشارًا لـ”محمد أنور عصمت السادات”، أحد مؤسسي الحزب. اختفي قسرا في 5 أو 6 فبراير 2022، وتوفي قيد الاحتجاز لدى السلطات الأمنية في 5 مارس، بحسب شهادة وفاته.
لم تُبلغ السلطات أسرته بوفاته إلا في 9 أبريل، أي بعد أكثر من شهر على حدوثها. ذكرت عائلته وأصدقاؤه أن النيابة العامة أمرت في 12 أبريل بتشريح الجثة، إنما دون تواجد مراقبين مستقلين. لم يتم تزويد الأسرة بنتائج التشريح حتى الآن.
كانت منشورات “هدهود” على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بالتغير المناخي والأمور الاقتصادية. وتضمنت بعض منشوراته انتقادات للحكومة المصرية.
تفيد المعلومات أنه تم استدعاء عائلة هدهود إلى مركز للشرطة في 8 فبراير. حيث استجوب شقيقه بشأن طبيعة عمل “أيمن” وحياته ولكن لم يُسمح له برؤيته.
بعد ذلك، علمت الأسرة أنه نُقل إلى مستشفى العباسية للصحة العقلية ووُضع تحت الملاحظة. وقالت المنظمات الحقوقية إنهم لم يتمكنوا من العثور عليه أو العثور على سجلات المستشفى التي تثبت وجوده بالمستشفى.
ورغم تأكيد الأطباء على وجود “هدهود” في مستشفى العباسية إلا أن محاولات رؤيته أو زيارته فشلت. وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن الدائرة التي احتُجز فيها “تعمل كمركز احتجاز تحت سيطرة وزارة الداخلية.
حيث لا يُسمح للناس بالتنقل بحرية ويكونون عرضة لخطر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة على أيدي ضباط الأمن”.
في 10 أبريل ، أُبلغت الأسرة بوفاة أيمن هدهود في المستشفى في 5 مارس ، أي بعد قرابة شهر من تاريخ وفاته. ووصفت واشنطن بوست هذا تأخير بـ “غير المعقول”.
أظهرت صور جثة “أيمن هدهود”، التي تم التقاطها في مشرحة مستشفى العباسية حيث توفي. وحصلت صحيفة نيويورك تايمز على الصور من شقيقه “عمر هدهود”، إصابات في الجزء العلوي من جسده بالإضافة إلى حروق على وجهه والرأس.
وقال “شقيق هدود” إن جمجمة شقيقه بدت مكسورة.
كما استشارت منظمة العفو الدولية اختصاصي الطب الشرعي “ديريك باوندر”. الذي قال إن صور جثة “هدهود” تظهر علامات على ذراعيه والجانب الأيسر من وجهه تشير بقوة إلى تعرضه لإصابات عديدة قبل وفاته.
وذكرت منظمة العفو الدولية أن شاهدي عيان قالا إنهما لاحظا وجود إصابات في وجه ورأس “هدهود” في مشرحة المستشفى في 10 أبريل / نيسان، قبل يوم من إجراء تشريح الجثة.
لكن التقرير الرسمي لتشريح الجثة ذكر أن سبب الوفاة هو نوبة قلبية، وهو ما أكده المدعي العام واصفا الوفاة بأنها “غير مشبوهة”.
يبدو واضحا أن الصور المتحصل عليها تثير الشكوك بأن “هدهود” تعرض لسوء المعاملة قبل وفاته. مازالت عائلته ومنظمات حقوق الإنسان تطالب بإجراء تحقيق كامل ومستقل.
لكن الجهات الأمنية المصر ية تصر على أن الوفاة نتجت عن “انخفاض حاد في الدورة الدموية والسكتة القلبية” وربما الإصابة بفيروس كورونا، مضيفة أن السلطات لا تتحمل أي مسؤولية.
لا تعتبر حادثة “هدهود” حالة منفردة في دولة مصر. فسجون مصر تحوي الآلاف من السجناء السياسيين والنشطاء والصحفيين وغيرهم.
وكلهم مارسوا حرية التعبير وانتقاد عمل السلطات. وهو ما يظهر تجاهلاً تامًا لحقوق الإنسان الأساسية في مصر.
يذكر أن مصر تتلقى أكثر من مليار دولار سنويًا كمساعدات من الولايات المتحدة، وهو ما أشارت له واشنطن بوست. حيث طالبت بوقف المزيد من المساعدات إلى أن تنهي مصر ممارساتها الوحشية والممنهجة.
يجب على السلطات المصرية أن تتحرك بشكل عاجل وجدي بفتح تحقيق شفاف ومستقل في كل ملابسات القضية. ويجب إظهار تعاونا لمحاسبة المسؤولين عن وفاة “هدهود”.
ويذكر أن مصر صادقت على المعاهدات الدولية، بما في ذلك “الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”. بالإضافة إلى ”العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، و”اتفاقية مناهضة التعذيب”.
هذا الاتفاقات تُلزم الحكومة بالتحقيق في جرائم التعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري ومقاضاتها والمعاقبة عليها وتوفير سبل الانتصاف والتعويض لضحاياها.