هيومن رايتس ووتش: “الكرملين” يستهدف منتقديه في خضم حرب أوكرانيا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن إدانة زعيم المعارضة الروسي المسجون “أليكسي نافالني” بتهم ملفقة جديدة في 22 مارس/آذار 2022 تعكس حملة الحكومة الروسية المكثفة على المعارضة وحرية التعبير منذ بدء الغزو الروسي الواسع لأوكرانيا.
قالت هيومن رايتس ووتش: “الحكم الأخير ضد نافالني هو استهزاء جديد بالعدالة. يبدو أن هذا الحكم لا يهدف فقط إلى إسكات نافالني بل هو تحذير للمجتمع المدني الروسي وأي شخص يجرؤ على الوقوف في وجه سياسات الكرملين”.
ألقي القبض على “نافالني” في يناير/كانون الثاني 2021 فور عودته إلى روسيا عقب خضوعه للعلاج في ألمانيا بعد تسمم كاد يودي بحياته في أغسطس/آب 2020.
اتهمته السلطات الروسية بانتهاك شروط إطلاق سراحه أثناء وجوده في ألمانيا، وفي فبراير/شباط 2021 أرسلته إلى السجن لقضاء الـ 32 شهرا المتبقية من عقوبته.
استمرت السلطات الروسية بتوجيه اتهامات جنائية جديدة ضده منذ ذلك الحين، هادفة على ما يبدو إلى ضمان بقائه مسجونا لسنوات عديدة، بحيث لا يمكنه الاستمرار في حشد المجتمع المدني الروسي وكشف الفساد على أعلى مستويات السلطة.
في أواخر 2021، في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، قال “نافالني مازحا” إنه سيخرج من السجن “بحلول ربيع 2051”.
جرت المحاكمة بتهم ملفقة تتعلق بالاختلاس وإهانة قاض في مجمع سجون في بوكروف، حيث يقضي “نافالني” عقوبة السجن بناء على تهم سابقة. حُكم عليه بالسجن تسع سنوات أخرى وغرامة قدرها 1.2 مليون روبل (حوالي 11,300 دولار أمريكي).
في فبراير/شباط، أثناء المحاكمة، دحض أحد شهود الادعاء علانية أقواله المكتوبة السابقة، قائلا إن المحقق الحكومي هدده بالملاحقة القضائية وأرغمه على قول ما ورد فيها، حسبما رواه المحققون.
لكنه بدلا من ذلك، أدلى بشهادته في المحكمة لدعم نافالني، قائلا إن “نافالني” تصرف بشكل قانوني ووصف المحاكمة بأنها “سخيفة”. فرّ الشاهد من البلاد في اليوم التالي خوفا من الانتقام.
مع ذلك، أغفل الحكم أي ذكر لهذا، وبدلا من ذلك تضمن أجزاء من البيان المكتوب لهذا الشاهد.
كانت إحدى التهمتين المنفصلتين اللتين وجهتا إلى نافالني في هذه المحاكمة هي إهانة قاض خلال محاكمة أخرى ضد “نافالني” في فبراير/شباط 2021.
أدين في تلك المحاكمة بالتشهير ضد أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية لانتقاده إعلانا تدعمه الدولة لإجراء تعديلات دستورية، والذي ظهر فيه المحارب القديم المذكور مع آخرين، في منتصف 2021.
كانت التهمة الأخرى تتعلق باختلاس تبرعات لمنظمات تابعة لـ”نافالني”، بما في ذلك “مؤسسة مكافحة الفساد”، التي أسسها نافالني.
بحسب التهم المزعومة التي وجهت له كان يجمع الأموال لحملته الرئاسية، رغم أنه كان يعلم أنه لا يستطيع الترشح بسبب حكم جنائي معلق لإدانة سابقة بالاختلاس.
اتهمت السلطات نافالني باختلاس أكثر من نصف التبرعات، أي أكثر من 356 مليون روبل (خمسة ملايين دولار في ذلك الوقت) لتحقيق مكاسب شخصية. يتعلق الحكم الصادر في 22 مارس/آذار بـ 2.7 مليون روبل فقط من الأموال المختلسة المزعومة.
علّق أحد محامي نافالني في وقت سابق بأن هناك “قضية اختلاس أشمل” منفصلة ضد نافالني، وأنه قد تكون هناك محاكمات جديدة ضده بنفس التهم.
رفعت السلطات الروسية عدة دعاوى جنائية أخرى ضد “نافالني”، بما في ذلك بسبب إنشاء منظمة غير حكومية “تتعدى على حقوق الناس” فيما يتصل بنشر مؤسسة مكافحة الفساد لتحقيقات عن الفساد، وتهم “التطرف” فيما يتعلق بمؤسسة مكافحة الفساد ومنظمتين أخريين على صلة بنافالني أدرِجت في القائمة السوداء زورا على أنها منظمات “متطرفة” من قبل محكمة في يونيو/حزيران 2021.
دُمجت القضية الأخيرة مع اتهامات سابقة مشكوك فيها، وجهت إلى مساعدي نافالني، بغسل الأموال وإشراك الأطفال في احتجاجات سلمية غير مصرح بها.
قال ويليامسون: “القضايا المرفوعة ضد نافالني هي جزء من مشهد قمع الكرملين القاتم ضد المجتمع المدني الروسي والمعارضة السلمية، والذي زاد بشكل كبير منذ الغزو الروسي الواسع لأوكرانيا”.
منذ 24 فبراير/شباط، اعتقلت الشرطة الروسية بشكل تعسفي آلاف المتظاهرين السلميين المناهضين للحرب في جميع أنحاء البلاد. عرّضت الشرطة بعض المحتجزين للمعاملة السيئة الشديدة وغيرها من انتهاكات الحقوق.
في أوائل مارس/آذار، أقرت السلطات الروسية مجموعة من القوانين التي تجرّم ما يسمى بـ “المعلومات الكاذبة” و”تشويه سمعة القوات المسلحة الروسية”، والتي تعاقب على التغطية المستقلة للحرب، أو ما يشير إلى النزاع المسلح في أوكرانيا على أنه “حرب”، أو الاحتجاج على الحرب، بغرامات كبيرة وأحكام طويلة بالحبس.
اضطرت وسائل الإعلام الروسية المستقلة القليلة المتبقية إلى تعليق عملها أو انتقلت إلى خارج روسيا، أو أغلقتها السلطات. حجبت السلطات الروسية مواقع وسائل الإعلام الروسية المستقلة ووسائل الإعلام الأجنبية.
حظرت أيضا وسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية في روسيا وحظرت “ميتا”، الشركة الأم لـ “فيسبوك” و”إنستغرام و”واتساب” باعتبارها “متطرفة”.
في أول أسبوعين منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير/شباط، غادر ما لا يقل عن 150 صحفيا روسيا. فرّ أيضا عشرات الآلاف الآخرين من البلاد، بمن فيهم مدافعون حقوقيون ونشطاء مدنيون، بسبب تزايد مخاطر الاعتقال التعسفي والملاحقة القضائية بشكل كبير.
في خطاب ألقاه مؤخرا، انتقد الرئيس “فلاديمير بوتين” من أسماهم “الخونة في الداخل” و”الطابور الخامس”، وهي عبارات لها ارتباطات تاريخية سلبية قوية.
قال “ويليامسون”: “يبدو أن الكرملين مصمم على عزل المجتمع الروسي عن العالم الخارجي لمنع الروس من معرفة الحقائق غير المريحة، بما في ذلك حول الغزو الروسي لأوكرانيا“.
وأضاف “ويليامسون”: “لذا فليس من المستغرب أن تصعد السلطات الروسية تشويه سمعة نافالني وإسكاته وغيره ممن يمكنهم أن يقولوا للناس ألا يصدقوا أكاذيب الكرملين وأن العالم يراقب ما يحدث”.