اليونيسف تحذر من الفظائع ضد أطفال السودان 300 يوم على الحرب
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – بعد مرور ثلاثمائة يوم على الحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل من العام الماضي أصبحت مأساة أطفال السودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم.
دعت منظمة اليونيسف بهذا الخصوص العالم إلى عدم غض الطرف عن هذه المأساة، فقد تسببت في موجة من الفظائع ضد أطفال السودان.
تحدث الناطق باسم اليونيسف جيمس إلدر إلى الصحفيين في جنيف، اليوم الجمعة، في أعقاب زيارة أجراها مؤخرا إلى تشاد ودارفور التقى خلالها بالأسر اللاجئة والنازحة.
وأفاد إلدر بتهجير أربعة ملايين طفل سوداني- أي 13,000 طفل كل يوم لمدة 300 يوم، مشيرا إلى أن الأمل تلاشى وفقد الناس الأمان والممتلكات، فيما انفصل الأصدقاء وأفراد الأسر عن بعضهم البعض أو فقدوا.
وأشار جيمس إلدر إلى أن أكثر من 700 ألف طفل من المحتمل أن يعانوا من أخطر أشكال سوء التغذية هذا العام. “لن نتمكن من علاج أكثر من 300,000 ألفا منهم دون تحسين الوصول والدعم الإضافي. ومن المرجح أن يموت عشرات الآلاف”.
كما أشار أيضا إلى ارتفاع حالات القتل والعنف الجنسي والتجنيد بمقدار خمسة أضعاف عما كانت عليه قبل عام.
وقال: “هذا يعادل أعدادا مرعبة من الأطفال الذين قتلوا أو اغتصبوا أو تم تجنيدهم. وهذه الأرقام ليست سوى غيض من فيض”.
ويقول المتحدث باسم اليونيسف إن ثلثي السكان يفتقرون حاليا إلى الرعاية الصحية. وأضاف: “هذه حرب تدمر أنظمة الصحة والتغذية، وتقتل الناس”.
وتابع إلدر قائلاً: “هذه حرب تدمر مفهوم احترام قوانين الحرب، وهي قتل الناس. إنها حرب تدمر قدرة الأسر على إطعام وحماية نفسها. وهي حرب تدمر الفرص، وتدمر بلدا ومستقبل جيل كامل”.
ونبّه جيمس إلدر إلى أن التكلفة الحقيقية للحرب لا تقاس بعدد الضحايا فحسب، بل أيضا بخسارة رأس المال الفكري، “وهذه الحرب تخاطر بالحكم على السودان بمستقبل مجرد من التعلم والابتكار والتقدم والأمل”.
وقال إن آخر مرة زار فيها دارفور كانت قبل 20 عاما، مشيرا إلى أن عودته الأخيرة كانت بمثابة “ديجا فو” من نوع أكثر دموية. أما بالنسبة لأطفال دارفور، والشباب الذين كانوا أطفالا في دارفور ذات يوم، فقد كان الأمر أسوأ.
وأضاف: “عندما عدت إلى دارفور في الأسبوع الماضي – سمعت قصصا عن الوفيات الناجمة عن التغذية والوفيات الناجمة عن العنف – التقيت أيضا بعدد لا يحصى من الشباب في العشرينيات ممن ماتت أحلامهم”.
وتابع قائلاً: “هؤلاء الشباب كانوا أطفالا صغارا أثناء المجازر التي وقعت في دارفور قبل 20 عاما. وبطريقة ما، حافظت عائلاتهم على سلامتهم وسط هذا الرعب. وقد تمسّكوا بالحياة خلال السنوات العشرين الماضية”.
وقال إن الشباب الذين التقاهم- سواء في دارفور أو تشاد – درسوا أو كانوا يدرسون الاقتصاد والعلوم الطبية والهندسة وتكنولوجيا المعلومات.
ومع ذلك، في فوضى هذه الحرب، اضطرت ألمع العقول إلى التخلي عن الدراسة، وتلاشت طموحاتهم، حسبما قال.
ثم تساءل جيمس إلدر عن الكيفية التي يمكن بها الخروج من هذا الكابوس وإيقاظ أحلام الشباب من جديد، مشيرا إلى أن ذلك يحتم على من هم في السلطة أن يتفاوضوا على وقف إطلاق النار، وضمان عدم حجب المساعدات.
وأكد على أنه: “يتعين على الموجودين في المنطقة أن يظهروا روح القيادة. ويتعين على أولئك الذين يعيشون في البلدان المانحة أن يظهروا التعاطف والإنسانية”.
ومع غياب أي إشارة إلى وقف إطلاق النار، شدد جيمس إلدر أنه يجب علينا التركيز على أمرين:
- أولا: وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق عبر خطوط النزاع وعبر الحدود.
- ثانيا: تقديم الدعم الدولي للمساعدة في الحفاظ على الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال للبقاء على قيد الحياة. “حاليا ليس لدينا أي منهما”.
تناشد اليونيسف الحصول على 840 مليون دولار أمريكي للوصول إلى 7.6 مليون من الأطفال الأكثر ضعفاً في السودان بالمساعدات الإنسانية خلال عام 2024.
وقال جيمس إلدر إنه وعلى الرغم من حجم الاحتياجات، فإن التمويل الذي سعت اليونيسف للحصول عليه في العام الماضي لنحو ثلاثة أرباع الأطفال لم يكن في المتناول.
وأضاف: “وسط هذا العدد الكبير من الأطفال الذين يتم تجاهلهم، من المهم أن نتذكر ما تفعله الأسر والمجتمعات: فمعظم العاملين في مجال الصحة في السودان لم يحصلوا على أجر واحد منذ بدء الحرب”.
وتابع قائلاً: “لكنهم يأتون للعمل لمساعدة مجتمعاتهم في السودان. وتتقاسم المجتمعات المحلية في تشاد- التي تعاني أصلا من نقص شديد في الغذاء والماء- ما تستطيع فعله مع اللاجئي”.
وأشار إلى أن الناس يستخدمون كل ما لديهم من قوة ومرونة من أجل البقاء ودعم مجتمعاتهم. وأضاف: “ومع ذلك، فإن شعب السودان يشعر بشكل متزايد بأن العالم قد تخلى عنه”.
واختتم إلدر حديثه قائلاً: “عندما يتعلق الأمر بأطفال وشباب السودان، يحتاج العالم إلى التوقف عن غض الطرف. أين إنسانيتنا الجماعية إذا سمحنا لهذا الوضع بالاستمرار؟”