دعوات لعقوبات على إسرائيل وحظر أسلحة خلال مؤتمر دولي رفيع المستوى

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتصاعد الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اغتنام فرصة انعقاد المؤتمر الوزاري حول فلسطين في 28 و29 يوليو/تموز الجاري، من أجل الالتزام العلني بوقف إفلات إسرائيل من العقاب عبر إجراءات ملموسة ومحددة زمنياً، تشمل فرض عقوبات مستهدفة، حظر أسلحة، وتعليق اتفاقيات تجارية.

 

ويُعقد المؤتمر رفيع المستوى حول حل الدولتين والسلام في الشرق الأوسط بدعوة من فرنسا والمملكة العربية السعودية، وذلك على مرحلتين: الأولى خلال الاجتماع الوزاري في أواخر يوليو، والثانية بحضور رؤساء الدول والحكومات قبل افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول.

 

وكان المؤتمر قد تأجّل في يونيو الماضي بسبب العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل ضد إيران، لكنه يُستأنف في ظل مشهد سياسي وقانوني متوتر، عقب صدور أوامر اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق، وكذلك قرارات محكمة العدل الدولية التي حمّلت إسرائيل مسؤولية جريمة الإبادة الجماعية والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

برونو ستانيو، كبير مسؤولي المناصرة في هيومن رايتس ووتش، شدد على أن الوقت حان لتنتقل الحكومات من الأقوال إلى الأفعال، قائلاً: “المزيد من التصريحات حول حل الدولتين لن توقف إبادة الفلسطينيين في غزة. ما نحتاجه الآن هو إجراءات محددة: عقوبات، حظر سلاح، وتعليق الامتيازات التجارية، والالتزام الجاد بتنفيذ مذكرات المحكمة الجنائية الدولية.”

 

يأتي هذا المؤتمر في أعقاب الرأي الاستشاري التاريخي لمحكمة العدل الدولية، الصادر في يوليو 2024، والذي أكد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكه لحق الفلسطينيين في تقرير المصير. كما قضت المحكمة بأن الاستيطان غير قانوني ويجب تفكيكه، وأن للفلسطينيين حق الحصول على تعويضات نتيجة الانتهاكات.

 

وقد أيدت الجمعية العامة هذا الحكم في سبتمبر الماضي، وحددت مهلة عام واحد لإسرائيل لإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي المحتلة.

 

تتزامن أعمال المؤتمر مع العدوان المتواصل على غزة، حيث توثق منظمات حقوقية جرائم متعددة: إبادة جماعية، تهجير قسري، تجويع متعمد للسكان، وتدمير واسع للبنية التحتية، في خرق مباشر لثلاثة أوامر قضائية ملزمة من محكمة العدل الدولية.

 

ووفق “هيومن رايتس ووتش”، فإن الخطر الجدي لوقوع إبادة جماعية قد تحقق فعلياً، مشيرة إلى التدمير المنهجي الذي تمارسه إسرائيل ضد المرافق المدنية في غزة، واستخدام التجويع كسلاح حرب.

 

وفي خطوة غير مسبوقة، التزمت 12 دولة في 16 يوليو الجاري بقطع علاقاتها التسليحية مع إسرائيل، فيما أعلنت دول مثل بريطانيا، أستراليا، كندا، نيوزيلندا، سلوفينيا والنرويج فرض عقوبات شخصية على وزراء إسرائيليين متشددين، بينهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

 

كما أوقفت بريطانيا مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، وأعلنت مراجعة شاملة لعلاقاتها الثنائية معها.

 

وفي الاتحاد الأوروبي، برزت مطالب بتعليق اتفاقية الشراكة، بعد أن خلصت المفوضية الأوروبية إلى أن إسرائيل انتهكت بند حقوق الإنسان الوارد في الاتفاقية، بينما اقترحت السلطات الأيرلندية فرض حظر أحادي الجانب على التجارة مع المستوطنات.

 

قدمت هيومن رايتس ووتش قائمة موسعة من الخطوات العاجلة المطلوبة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أبرزها:

 

تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.

 

فرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الانتهاكات، تشمل حظر السفر وتجميد الأصول.

 

وقف جميع أشكال التجارة والتعاون الاقتصادي مع المستوطنات غير القانونية.

 

تعليق الاتفاقيات السياسية والتجارية الموقعة مع إسرائيل.

 

دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية والالتزام بتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عنها.

 

تمويل وكالة الأونروا بالكامل ودعم دورها في تقديم المساعدات الإنسانية.

 

الاعتراف القانوني بجريمتي الفصل العنصري والاضطهاد المرتكبتين ضد الشعب الفلسطيني.

 

الضغط لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم وفق القانون الدولي.

 

إنشاء سجل دولي لتعويضات الضحايا الفلسطينيين عن الأضرار الناتجة عن الانتهاكات الإسرائيلية.

 

كما طالبت المنظمة الأممية بإعادة تفعيل “اللجنة الخاصة لمكافحة الفصل العنصري” أو إنشاء لجنة جديدة متخصصة في فلسطين/إسرائيل، أسوة بما فعلته الأمم المتحدة في حالات مماثلة في ميانمار وسوريا.
وطالبت هيومن رايتس ووتش بأن يُصدر المؤتمر الأممي قرارًا واضحًا ومُلزمًا يتضمن جدولًا زمنيًا لتطبيق هذه الالتزامات، داعية إلى عقد اجتماعات دورية لقياس مدى التزام الدول بها، تمامًا كما فعلت الجمعية العامة في أزمات دولية سابقة.

 

ورغم الدور المعطّل الذي لعبه مجلس الأمن الدولي، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل، ترى المنظمة الحقوقية أن الجمعية العامة باتت الجهة الأكثر قدرة على التحرك الفعلي.
وتنتقد المنظمة تواطؤ واشنطن عبر استمرارها في تسليح إسرائيل وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية ومسؤوليها، بالإضافة إلى محاولات ترهيب المقررة الأممية الخاصة بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز.

قد يعجبك ايضا