الأوروبية السعودية توثق حرمان أسر ضحايا الإعدامات من الجثامين والعدالة في السعودية

قدّمت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريرًا مفصلًا إلى المقرّر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، سلطت فيه الضوء على الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها السلطات السعودية بحق أسر ضحايا القتل غير المشروع، بما في ذلك الإعدامات بعد محاكمات تفتقر لأدنى معايير العدالة.

يوثق التقرير غياب أي قوانين أو سياسات في السعودية تعترف بأسر الضحايا كضحايا مستقلين يتمتعون بحقوقهم في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، وجبر الضرر. كما يرصد التقرير أنماطًا متكررة من الانتهاكات، من بينها حرمان العائلات من استلام الجثامين، تنفيذ الإعدامات دون إخطار مسبق، منع إقامة مراسم العزاء، وملاحقة الأفراد لمجرد مطالبتهم بحقوقهم.

ويعرض التقرير شهادات وأمثلة واقعية، مثل دفن عدد من الضحايا في مقابر مجهولة دون إذن ذويهم، إضافة إلى توثيق ممارسات تعسفية أخرى.

تؤكد المنظمة في تقريرها أن هذه الممارسات لا تنتهك فقط المعايير الدولية، بل تتعارض أيضًا مع أبسط المبادئ الأخلاقية والإنسانية، وتشكّل نمطًا من الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان في السعودية، في ظل انعدام الشفافية، وغياب آليات المحاسبة والمساءلة.

نص التقرير: تقرير مقدم من المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى المقرّر الخاص المعنيّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا:

حقوق أسر ضحايا الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً (الوفيات غير المشروعة)

معلومات عن القوانين والسياسات والإجراءات القائمة التي تعترف بأسر ضحايا الوفيات غير المشروعة كفئة بعينها من الضحايا

في المملكة العربية السعودية، ينظم كل من نظام السجن والتوقيف ونظام الإجراءات الجزائية ما يتعلق بالموقوفين والمعتقلين وحقوقهم خلال مراحل المحاكمة المختلفة.

ومع ذلك، فإن هذه الأنظمة لا تتضمن نصوصًا أو لوائح تعترف بحقوق أسر المعتقلين أو ضحايا الوفيات غير المشروعة كفئة بعينها. لا توجد أيضًا سياسات واضحة تراعي احتياجات أو حقوق أسر الضحايا الذين يعانون من تداعيات الانتهاكات أو الوفيات غير القانونية.

  1. معلومات عن القوانين والسياسات والإجراءات التي تفصل حقوق أسر ضحايا الوفيات غير المشروعة

في معظم الحالات، لا يتم إشراك العائلات بشكل فعلي في المحاكمات، حيث لا يتم إخطارهم بموعد الجلسات. العائلات تضطر إلى التواصل المباشر مع الجهات الرسمية مثل إدارة السجن والمحاكم للحصول على معلومات، وغالبًا ما يكون تجاوب الجهات الرسمية محدودًا وغير مضمون.

تنص المادة (23) من نظام السجن والتوقيف على إعداد تقرير طبي تفصيلي في حال وفاة السجين أو الموقوف، ورفع التقرير إلى الجهة المختصة مع إشعار أهل المتوفى لتسليم الجثمان. إذا لم يحضر الأهل، يتم دفن الجثة في مقبرة محلية، مع منع نقل الجثث المصابة بأمراض وبائية. إلا أن هذا النص لا يوفر للعائلات آليات للمشاركة في التحقيقات أو التحقق من صحة التقارير الطبية.

  1. أمثلة لمبادرات قامت بها أسر ضحايا الوفيات غير المشروعة

رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان مطالبات متكررة من عائلات ضحايا وفيات داخل السجون وضحايا الإعدام للتحقيق في ملابسات الوفيات. ومع ذلك، لم يتم التجاوب مع هذه المطالبات.

في بعض القضايا، أصدرت إدارات السجون تقارير حول أسباب الوفيات، إلا أن غياب المجتمع المدني وآليات التحقيق المستقلة أدى إلى افتقار هذه التقارير إلى الشفافية والموثوقية. وفي العديد من الحالات، لجأت العائلات إلى التحدث علنًا أو رفع شكاوى، ولكن دون نتائج ملموسة.

في 3 يناير 2016 طالبت عائلة الشيخ نمر باقر النمر، الذي شمله الإعدام الجماعي، بإستلام جثمانه بعد يوم من إعلان السعودية قتله، حيث أصدر مجلس عائلة النمر، بيانا  في 3 يناير 2016، أشار فيه إلى أن الحكومة أكدت أن دفن الشيخ النمر قد تم في مقبرة مجهولة ومن دون إذن العائلة في مخالفة للأحكام الشرعية والقوانين التي تقضي بأن یدفن المیت حسب وصیته إذا کانت لدیه وصیة أو حسب رغبة ذویه کحق اصلي من حقوقه وحقوقه، واعتبرت العائلة أن عدم تسليم الجثمان هو “فاجعة أخرى”.

كما طالبت أسرة الشاب علي آل ربح، الذي أعدم أيضا ضمن الإعدام الجماعي، بتسلم جثمانه، مؤكدين أنه دُفن دون أذن ذويه، وأنهم (لم يأذنوا أو يوكلوا أي أحد أن يتولى تجهيز الجثمان نيابة عنهم، أو أن يقوم بدفنه خارج مسقط رأسه العوامية).

إلى جانب ذلك، في 11 فبراير 2016 وبعد مرور أربعين يوما على عملية الإعدام الجماعي، أصدرت عائلة الشيخ النمر، وأُسَر علي آل ربح ومحمد الشيوخ ومحمد الصويمل، بياناً جماعيا  طالبوا فيه الملك السعودي وكل شخص مسؤول أو صاحب قرار، برد جثامين أبنائهم من أجل دفنها بحسب معتقداتهم الدينية.

  1. تحديات تواجهها أسر ضحايا عمليات القتل غير المشروع

رفض التحقيق: تعلن السعودية رواية رسمية صادرة عن إدارة السجن في حالات الوفيات داخل السجون، وتمتنع عن فتح تحقيقات مستقلة وشفافة. على الرغم من المناشدات المتكررة من قبل العائلات والمنظمات الحقوقية، فإن الجهات الرسمية عادةً ما ترفض التجاوب مع هذه المطالب.

يتم غالبًا تقديم روايات رسمية لا تخضع للتدقيق، وهو ما يخلق غموضًا حول الأسباب الحقيقية للوفاة. هذا السلوك يعكس افتقارًا للمساءلة القانونية وعدم احترام لحق العائلات في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة.

  1. الملاحقة القانونية: في السعودية، الحديث علنًا عن ملابسات الوفاة أو التشكيك في الروايات الرسمية قد يعرض الأفراد لعواقب قانونية خطيرة. يتم استخدام قوانين فضفاضة مثل قوانين “مكافحة الإرهاب” أو “جرائم الإنترنت” لمعاقبة الأفراد الذين يعبرون عن آرائهم أو يطالبون بالعدالة.

تتضمن هذه العقوبات السجن لفترات طويلة، الغرامات، أو حتى الحرمان من الحقوق الأساسية مثل السفر والعمل. هذه الممارسات تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة ومنع أي نقاش علني حول القضايا المتعلقة بالإعدام أو استخدام القوة المفرطة.

  1. استدعاء العائلات: تواجه عائلات الضحايا ضغوطًا نفسية واجتماعية كبيرة بسبب ممارسات السلطات. تُجبر بعض العائلات على الخضوع للاستدعاءات والتحقيقات لمجرد إقامتها مراسم عزاء تقليدية أو مطالبتها باستلام جثامين أحبائها. في بعض الحالات، يتم تهديد العائلات أو إجبارها على توقيع تعهدات بعدم التحدث علنًا أو تنظيم أي تجمعات. تُعد هذه الممارسات محاولة واضحة لتضييق الخناق على أي نشاط اجتماعي أو قانوني قد يكشف انتهاكات السلطات.
  2. معلومات عن التعويضات المقدمة لأسر ضحايا الوفيات غير المشروعة

لم ترصد المنظمة الأوروبية السعودية أي قوانين أو سياسات تقدم تعويضات لأسر ضحايا الوفيات غير المشروعة. غياب هذا الإطار القانوني يترك العائلات دون أي دعم مالي أو نفسي أو اجتماعي.

  1. أمثلة على قوانين وسياسات لحماية أسر الضحايا في سياقات مختلفة

الوفيات في قيد الاحتجاز: المادة (23) من نظام السجن والتوقيف توضح الإجراءات المتعلقة بالتقارير الطبية والدفن، لكنها لا توفر آليات لدعم العائلات.

عقوبة الإعدام: غالبًا ما يتم تنفيذ الأحكام دون إخطار مسبق للعائلات، مما يحرمهم من أي فرصة للمشاركة أو الاعتراض.

الهجرة: معظم العاملات الأجنبيات اللواتي يتم إعدامهن بتهم جنائية لا يتم إخطار أسرهن أو السماح لهم بالمشاركة في أي إجراءات قانونية، ولا وجود لقوانين تكفل عدم التمييز بحقهن.

  1. أمثلة على القوانين والإجراءات المتعلقة بجرائم القتل خارج نطاق القضاء

تعمد قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة ضد الأفراد الذين يعبرون عن رأيهم، ما أدى إلى قتل العشرات خارج نطاق القضاء.  برز ذلك في منطقة القطيف التي شهدت قتل عشرات الشبان الذين شاركوا في الحراك الذي شهدته المنطقة. لم تتم محاسبة المسؤولين عن ذلك.

وفي 13 أبريل 2020، قتلت حكومة السعودية رجلاً بعد ساعات فقط من نشره مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يعبر عن رفضه لعملية الإخلاء القسري، والتي تتم كجزء من مشروع “نيوم” الحكومي.

المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة أعربوا في رسالة إلى الحكومة السعودية عن قلقهم البالغ إزاء قضية وفاة الحويطي، واعتبروا أن التفاصيل التي ذكرت تنتهك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحيث أن القتل مرتبط بممارسته المشروعة لحقه في حرية الرأي والتعبير، كما أنها انتهاك للميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي تعد السعودية دولة طرف فيه والذي ينص على حق كل فرد في الحياة والحرية والأمن.

الرسالة أكدت أهمية فتح تحقيق في الجريمة وأن المسؤولية يجب أن تمتد لتشمل الضباط الذين يتحكمون في القيادة كما يجب أن تتحمل الدولة تزويد الذين انتهكت حقوقهم بسبل انتصاف مناسبة. المقررون طلبوا من الحكومة السعودية تقديم معلومات مفصلة إذا كان قد تم فتح أي تحقيق في القضية. لم تتجاوب السعودية مع مطالب المقررين الخاصين ولم يتم محاسبة المسؤولين عن قتل الحويطي.

  1. حماية حقوق أسر النساء والفتيات اللواتي قتلن بصورة غير مشروعة

رصدت المنظمة إعدام ثماني نساء في عام 2024 نصفهن واجهن تهم متعلقة بالمخدرات، معظمهن عاملات أجنبيات. في هذه الحالات، تتعرض عائلات المحكومات لعديد من الانتهاكات، فمع عدم تتبع قضايا لمعتقلات محكومات بالقتل قبل تنفيذ الحكم يبدو أن معظم العائلات لا تحصل على حقها بمعرفة تفاصيل القضية، ولا الحكم.

إضافة إلى ذلك، فإن العائلات لا يتم إخطارها بموعد التنفيذ، بما يحرمها من حقها في الوداع.

وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق لإنسان، تتعرض العاملات لمنزليات لمختلف أنواع التمييز في السعودية وخاصة في ظل استمرار تطبيق نظام الكفالة بحقن، وهو ما يسمح بالعديد من الانتهاكات بحقهن.

قد يعجبك ايضا