مرصد حقوقي يدين حملة ترهيب وتهديد أمنية تستهدف أعضاء حزب الشراكة والإنقاذ في الأردن
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ أجهزة الأمن الأردنية نفّذت حملة ترهيب واسعة ومركّزة بحق عشرات النشطاء لدفعهم إلى الاستقالة من أحد الأحزاب السياسية، وثنيهم عن الانخراط في النشاط السياسي.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الأربعاء، أنّه وثّق تعرّض معظم أعضاء حزب الشراكة والإنقاذ الأردني.
وأكد المرصد تعرض الأعضاء الجدد، إلى مضايقات وتهديدات أمنية خطيرة هدفت للضغط عليهم للاستقالة من الحزب بهدف خفض عدد أعضائه ونزع الصفة القانونية عنه، تمهيدًا لعزله ووقف نشاطه بشكل كامل.
ولفت إلى أنّ الحزب اضطر بعد نفاذ قانون الأحزاب السياسية رقم 7 لسنة 2022 في مايو/ أيّار 2022 إلى استقطاب أعضاء جدد لتصويب أوضاعه القانونية.
إذ اشترط القانون ألّا يقل عدد الأعضاء المؤسسين للحزب عند انعقاد مؤتمره التأسيسي عن ألف شخص، ما دفع الحزب إلى فتح باب الانتساب لزيادة عدد الأعضاء وتحقيق اشتراطات القانون كافة.
ووفق المعلومات التي جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي، بدأت الحملة الأمنية مع نجاح الحزب في الحصول على عضوية أكثر من 1080 شخصًا وتحقيق جميع الاشتراطات القانونية.
إذ عمل جهاز المخابرات، وجهاز الأمن العسكري، وجهاز الأمن الوقائي، على استهداف الأعضاء بأساليب مباشرة وغير مباشرة وطرق متنوعة بحسب الوضع الاجتماعي والعائلي للعضو، وتسبب ذلك بتقديم نحو 300 عضو لاستقالاتهم من الحزب.
وبحسب المعلومات، وصلت الضغوطات الأمنية في بعض الحالات إلى التهديد الجسدي، والمنع من السفر، والفصل من العمل.
ولم تقتصر الضغوطات على الأعضاء فقط، بل طالت أيضًا حواضنهم الاجتماعية، بما في ذلك أقربائهم من الدرجة الأولى والثانية وحتى الثالثة، وخاصة الموظفين العسكريين والأمنيين منهم.
إذ هدّد الأمن في بعض الحالات شقيق أو قريب العضو بالفصل من الوظيفة أو النقل إلى مديريات نائية في حال إصرار شقيقهم على التمسك بعضوية الحزب.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ هذا النوع من الضغوطات أحدث في بعض الحالات شرخًا ونزاعًا بين أفراد الأسرة الواحدة.
إذ بات يُنظر إلى العضو في الحزب بمثابة عائق يمنع أفراد الأسرة من الحصول على وظيفة أو يهدد وجودهم في وظائفهم الحالية.
ولفت إلى أنّ عددًا من الاستقالات الناتجة عن التهديدات الأمنية جاءت بعد يوم واحد فقط من تسليم القائمين على الحزب قوائم بأسماء الأعضاء إلى الهيئة المستقلة للانتخابات (بصفتها الجهة المشرفة على مديرية سجّل الأحزاب) في 18 أبريل/ نيسان المنصرم من أجل تصويب أوضاع الحزب القانونية، ما يثير شكوكًا حول مشاركة هيئة الانتخابات أسماء أعضاء الحزب مع الأجهزة الأمنية.
في إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال أحد أعضاء حزب الشراكة والإنقاذ: “انتسبت لحزب الشراكة والإنقاذ في يونيو/ حزيران 2022، وبعدها بعدة أشهر، استدعيت لمقابلة جهاز المخابرات، وهناك أبلغوني بشكل غير مباشر بضرورة الاستقالة من الحزب”.
وأضاف: “بعد يومين، بدأ الأمن بمضايقة شقيقي الذي يعمل في أحد الأجهزة الأمنية (أُخفي اسم شقيقه واسم الجهاز الذي يعمل به بناء على رغبته)، وحصلوا منه على معلومات تخصني بما في ذلك أسباب انتسابي للحزب”.
وتابع: “بعد عدة أيام، عرض عليّ جهاز المخابرات من خلال شخص وسيط الانسحاب من الحزب مقابل عدم إيذاء شقيقي أو اتخاذ إجراءات عقابية بحقه، وسبّب لي ذلك ضغوطًا أسرية كبيرة”.
وأردف بقوله: “إذ أصبحت بنظر العائلة عامل خطر على شقيقي ووظيفته، وتحوّلت إلى شخص منبوذ أسريًا واجتماعيًا”.
ونوه إلى أن: “نتيجة لذلك، قررت الانسحاب من الحزب للتخلص من تلك الضغوطات، وأرسلت للمخابرات نسخة من استدعاء الانسحاب، ونسخة أخرى للجهاز الأمني الذي يعمل به شقيقي من أجمل حمايته من أي إجراء عقابي”.
وأضاف: “رغم استقالتي من الحزب، عاقب الجهاز الأمني شقيقي بالنقل إلى جهاز آخر، وتلقّى تهديدات جدية بالفصل النهائي، ولذلك تراجعت عن الانسحاب واستعدت عضويتي في الحزب”.
وأكمل عضو حزب الشراكة والإنقاذ قائلا: “أتعرض حاليًا لضغوطات جديدة من المخابرات، وصلت إلى التضييق عليّ في مكان عملي (يعمل في إحدى الهيئات الحكومية). لا أفكر حاليًا بالانسحاب من الحزب وسأستمر في ممارسة حقي الدستوري”.
وفي بعض الحالات، تواصل جهاز المخابرات مع أعضاء في الحزب، وأرسل لهم نماذج انسحاب جاهزة (قال المرصد الأورومتوسطي أنه اطّلع على نسخة منها) لتوقعيها والانسحاب من الحزب.
أبلغ عضو آخر في حزب الشراكة والإنقاذ، فريق المرصد الأورومتوسطي: “تلقيت اتصالًا من ضابط برتبة ملازم أول في المخابرات طلب مني فيه الاستقالة من الحزب، وأرسل لي بعدها نموذج استقالة مطبوع، وطلب مني توقيعه وإرساله بالبريد عبر إحدى الشركات لمقر الحزب، ولكني رفضت ذلك وأبلغته تمسكي بعضوية الحزب”.
وأضاف: “عاود الاتصال بي عدة مرات بعد ذلك وكرر نفس الطلب بلهجة حملت تهديدات مبطنة، ولكنّي أبلغته رفضي النهائي للاستقالة”.
وتابع بقوله: “أتوقع الآن اتخاذ إجراءات عقابية بحقي بما في ذلك الاستدعاء والتوقيف الأمني والتضييق عليّ في عملي وحرماني من بعض حقوقي، إلى جانب احتمالية الضغط على أقربائي الذين يعملون في وظائف عمومية”.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ ممارسات الأجهزة الأمنية الأردنية تمثل تعديًا صارخًا على الحقوق الدستورية للأفراد في المشاركة السياسية، وتتناقض مع التوجهات والقوانين الرسمية التي أقرّت تنظيم العمل الحزبي في الأردن، ولا سيما قانون الأحزاب الذي دخل حيّز التنفيذ العام الماضي.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ السلطات الأردنية تحاول استخدام وسائل ناعمة لقمع المعارضة وإحباط جهود تشكيل أحزاب مؤثرة على الساحة السياسية.
إذ تعمل على تنفيذ تلك الممارسات دون ضجيج، لكنّ ذلك لن يغير من حقيقة كونها انتهاكات تخالف الدستور الأردني والتزامات الأردن الدولية ذات العلاقة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الأردنية إلى الكف فورًا عن ممارسة أي ضغوط على أعضاء حزب الشراكة والإنقاذ أو أي حزب آخر من أجل دفعهم إلى الاستقالة من أحزابهم، ووقف جميع الإجراءات العقابية التي قد تطالهم وأقاربهم بسبب انتماءاتهم الحزبية.
وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات الأردنية على احترام حق الأفراد في حرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب والجمعيات وفق القوانين ذات العلاقة، والتوقف عن ملاحقتهم لمجرد ممارستهم لحقوقهم الدستورية المشروعة.