هيومن رايتس ووتش تطالب السعودية وقف ترحيل المهاجرين التيغرانيين إلى إثيوبيا

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- قالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات الإثيوبية احتجزت تعسفيا، وأساءت معاملة وأخفت قسرا آلاف الأشخاص من عرقية تيغراي.

وأضافت رايتس ووتش أن التيغرانيين رُحلوا مؤخرا من السعودية. وطالبت المنظمة الحقوقية السعودية وقف احتجاز التيغرانيين في ظروف مسيئة ووقف ترحيلهم إلى إثيوبيا. وطالبتها بدلا من ذلك بتوفير الحماية الدولية لهم.

نقلت السلطات الإثيوبية المرحلين التيغرانيين من السعودية إلى مراكز استقبال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. حيث احتُجز بعضهم بشكل غير قانوني.

اعتقلت السلطات الإثيوبية أيضا المرحلين التيغرانيين عند نقاط التفتيش على الطرق المؤدية إلى تيغراي أو في المطار. ثم قامت بنقلهم إلى مرافق احتجاز في عفار أو جنوب إثيوبيا.

قالت هيومن رايتس ووتش: “المهاجرون التيغرانيون الذين تعرضوا لانتهاكات مروعة في الحجز السعودي. حيث أنهم يُحتجزون في مرافق احتجاز عند عودتهم إلى إثيوبيا. على السعودية توفير الحماية للتيغرانيين المعرضين للخطر. وعلى إثيوبيا إطلاق سراح جميع المرحلين التيغرانيين المحتجزين تعسفيا”.

دفعت عوامل مختلفة، بما فيها البطالة والصعوبات الاقتصادية الأخرى والجفاف وانتهاكات حقوق الإنسان، مئات آلاف الإثيوبيين إلى الهجرة. فقد هاجروا بكثرة على مدار العقد الماضي، عن طريق السفر بالقوارب عبر البحر الأحمر ثم برا عبر اليمن إلى السعودية.

في يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها ستتعاون في إعادة 40 ألفا من رعاياها المحتجزين في السعودية. وصرحت أنهات ستبدأ بإعادة ألف شخص في الأسبوع. 40% من العائدين من السعودية بين نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ويونيو/حزيران 2021 كانوا تيغرانيين.

زادت عمليات الترحيل بشكل كبير بين أواخر يونيو/حزيران ومنتصف يوليو/تموز، حيث رُحِّل أكثر من 30 ألفا بحسب تقارير. تزامن ارتفاع عمليات الترحيل مع زيادة في عمليات التدقيق والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لتيغرانيين.

هذه الانتهاكات تمت على أيدي السلطات الإثيوبية في أديس أبابا في أعقاب انسحاب القوات الفدرالية الإثيوبية من تيغراي.

قابلت هيومن رايتس ووتش 23 تيغرانيا – 20 رجلا و3 نساء – رُحّلوا من السعودية بين ديسمبر/كانون الأول 2020 وسبتمبر/أيلول 2021. (غالبيتهم رُحِّل بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2021)، واحتُجزوا لاحقا في إثيوبيا بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول.

احتُجِز المُرحلون في مرافق في أنحاء إثيوبيا: مراكز في أديس أبابا، في سيميرا بمنطقة عفار، وفي شون في منطقة الأمم والقوميات والشعوب الجنوبية، وفي جيما بمنطقة أوروميا.

وجّهت هيومن رايتس ووتش رسائل مع استفسارات إلى “اللجنة الوطنية الإثيوبية لإدارة مخاطر الكوارث” و”لجنة الشرطة الفيدرالية”، والسفارة السعودية في واشنطن، و”هيئة حقوق الإنسان السعودية”، ووزارة الداخلية السعودية، لكنها لم تتلق أي رد.

مع إجراء السلطات الإثيوبية حملات تمشيط واعتقال واسعة للتيغرانيين في أديس أبابا في يوليو/تموز. قال بعض المرحلين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنه بعد أن تمتعوا في البداية بحرية التنقل في مراكز أديس أبابا، لم يُسمح لهم بالمغادرة.

مرحلون آخرون حاولوا شق طريقهم بأنفسهم إلى تيغراي اعتُقلوا أو اخفوا قسرا في مرافق الاحتجاز الإقليمية حيث اعتدت عليهم الشرطة الفيدرالية والشرطة الإقليمية في عفار عليهم أو ضربت مرحلين تغرانيين آخرين بقضبان مطاطية أو خشبية.

قال المرحلون إن الظروف أصبحت تدريجيا أكثر تقييدا وانتهاكا. في مركز سيميرا في منتصف سبتمبر/أيلول، وصلت قوة أمنية جديدة من عفار، ترتدي الزي الرمادي والأسود، واعتدت بالضرب على المرحلين، بدعوى أن المعتقلين أمضوا وقتا طويلا في دورات المياه.

قال مُرحل (23 عاما): “قبل يومين، جاءوا [شرطة عفار الخاصة] وضربوا كثيرا منا. أنا مصاب، تورمت ساقي ورأسي. ضربونا بقسوة. قالوا: ’أنت تنتمي إلى ’الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي‘”.

قال معظم الذين قوبلوا إنهم لم يتمكنوا من التحدث مع أفراد عائلاتهم لإعلامهم بمكانهم، ويظن بعضهم أن أقاربهم ما زالوا يعتقدون أنهم في السعودية. قال الجميع إن الشرطة الفيدرالية لم تقدم أي مبرر قانوني لاعتقالهم واحتجازهم لاحقا.

هذا وقال من قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم قبل ترحيلهم من السعودية، أمضوا من ستة أشهر إلى ستة أعوام في مرافق احتجاز رسمية وغير رسمية في أنحاء السعودية، بما فيه في أبها وحدّة وجيزان وجدة.

تعرضوا للضرب وظروف الاكتظاظ، ووصفوا بشكل متسق ظروف الصرف الصحي الفظيعة، وعدم كفاية الفراش والطعام والماء والرعاية الطبية. ظروف الاحتجاز البائسة للمهاجرين في السعودية مشكلة قديمة العهد.

لم يكن يُسمح لهم بالخروج وعانوا من مشاكل جلدية خطيرة بسبب الظروف غير الصحية. قال الجميع إن حراس السجن ضربوهم أو غيرهم من المحتجزين بقضبان بلاستيكية أو مغلفة بالمطاط، بما فيه إذا اشتكوا من الظروف.

قالوا إن الحراس كانوا يخرجونهم من زنازينهم، ويجبرونهم على التعري، والوقوف أو الركوع أثناء تعرضهم للضرب.

قال جميع من قوبلوا تقريبا إن السلطات السعودية اعتقلتهم واحتجزتهم بسبب وضعهم كمهاجرين غير نظاميين، لكن السلطات لم تقدم أبدا مبررات قانونية لاحتجازهم ولم تسمح لهم بتوكيل محام أو الطعن في احتجازهم. الاحتجاز المطول بلا مراجعة قضائية تعسفي وينتهك القانون الدولي.

احتجاز السلطات الإثيوبية لآلاف التيغرانيين المرحلين من السعودية دون إبلاغ عائلاتهم باعتقالهم أو مكان وجودهم يرقى إلى الاخفاء القسري الذي ينتهك أيضا القانون الدولي.

على السلطات أن تحدد فورا جميع التيغرانيين المحتجزين وتطلق سراح جميع الذين لم توجه إليهم تهم ذات مصداقية بارتكاب جريمة. يجب أن يُتاح لجميع المحتجزين إمكانية التواصل الفوري مع محام ومع عائلاتهم.

على السعودية وقف ترحيل جميع التيغرانيين إلى إثيوبيا بسبب خطر تعرضهم للاضطهاد. يحظر القانون الدولي العرفي إرسال الأشخاص إلى دولة يواجهون فيها خطرا حقيقيا بالاضطهاد أو التعذيب.

على السعودية أن تتيح لمفوضية اللاجئين الوصول الكامل وغير المقيد إلى المهاجرين المحتجزين لتقييم أي طلب للحصول على وضع اللاجئ، والعمل مع المفوضية لتسهيل إعادة توطين اللاجئين التيغرانيين.

قالت نادية هاردمان: “تضطهد السلطات الإثيوبية التيغرانيين المرحلين من السعودية باحتجازهم ظلما وإخفائهم قسرا. على السعودية التوقف عن المساهمة في هذه الانتهاكات من خلال إنهاء الإعادة القسرية للتيغرانيين إلى إثيوبيا والسماح لهم بطلب اللجوء أو إعادة التوطين في بلدان ثالثة”.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اندلع نزاع مسلح بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والقوات المتحالفة معها ضد القوات التابعة للحزب الحاكم السابق في المنطقة، الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. منذ ذلك الحين، وثقت جماعات حقوقية ووسائل إعلام انتهاكات عديدة، بما فيها المذابح واسعة النطاق، والهجمات العشوائية، والعنف الجنسي، والاعتقالات التعسفية، والطرد القسري، والنهب، وتدمير الممتلكات المدنية، ومنع الإغاثة الإنسانية.

في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، أقر البرلمان الإثيوبي حالة الطوارئ على مستوى البلاد لمدة ستة أشهر، والتي تمنح الحكومة سلطة واسعة النطاق لاعتقال واحتجاز الأشخاص على أساس “الاشتباه المعقول” في التعاون مع “الجماعات الإرهابية” دون أمر قضائي أو إشراف قضائي. في مايو/أيار، صنّف البرلمان الإثيوبي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على أنها جماعة إرهابية.

تشير الإحصاءات الرسمية السعودية إلى أن أكثر من 6.3 مليون مهاجر يعملون بشكل رسمي في القطاع الخاص في السعودية، وخاصة في وظائف الطاقة والخدمات. نفّذت السعودية مداهمات منتظمة للعمال المهاجرين غير الموثقين، بما فيها حملات اعتقال كبيرة بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 وأغسطس/آب 2017.

أشارت وزارة الداخلية إلى أنه بين 12 أغسطس/آب و8 ديسمبر/كانون الأول 2021، احتجزت السلطات أكثر من 265 ألف شخص لمخالفات الإقامة والعمل، وقوانين أمن الحدود.

حددت هيومن رايتس ووتش في 2019 نحو 10 سجون ومراكز احتجاز في السعودية احتُجز فيها مهاجرون لفترات مختلفة في ظروف مزدحمة وغير صحية ومسيئة.

في أغسطس/آب 2020، حددت ثلاثة مراكز احتجاز في محافظتي جيزان وجدة، احتجز فيها آلاف المهاجرين الإثيوبيين في ظروف مزرية بعد طردهم من شمال اليمن في أبريل/نيسان الماضي.

في ديسمبر/كانون الأول 2020، حددت هيومن رايتس ووتش مركز ترحيل في الرياض يحتجز مئات العمال المهاجرين في ظروف مهينة، معظمهم من الإثيوبيين.

وصف جميع التغرانيون المرحلون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ظروفا مروعة في مراكز احتجاز رسمية وغير رسمية في مدن أبها وحدّة وجيزان وجدة السعودية. قال الجميع إن السلطات السعودية أبقتهم في غرف ضيقة وغير صحية مع مئات المهاجرين الآخرين لأشهر وسنوات متتالية. قال معظمهم إنهم احتُجزوا منذ أكثر من عام.

لم يكن لديهم مساحة كافية للاستلقاء جميعا في نفس الوقت، لذلك نام بعضهم أثناء النهار والبعض الآخر في الليل. قال الجميع إما إن الحراس اعتدوا عليهم أو أنهم شاهدوا حراسا يضربون محتجزين آخرين. لأسباب أمنية، كل الأسماء مستعارة.

“كاليب” (24 عاما) من تيغراي، سافر إلى السعودية من إثيوبيا بواسطة مهربين في أبريل/نيسان 2019 بحثا عن فرصة عمل. بعد عام من وصوله، اعتقلته قوات الأمن السعودية بالرياض في مداهمة منزلية، واحتجزته لأكثر من عام. قال “كاليب” إن المعتقل “كان مكانا صعبا”:

عانى كثير من الناس. قاموا [حراس السجن] بتشغيل وحدة تكييف تطلق هواء شديد البرودة حتى تجمدنا وعانينا. ثم عندما بدأنا بالصراخ حتى يطفئها الحراس، ارتفعت درجة حرارتها مرة أخرى. كان الحراس يسلون أنفسهم بذلك. حاولنا إقناع الحراس بوقف ذلك، لكنهم لم يفعلوا.

قال “كاليب” إنه كان هناك 300 شخص في الزنزانة ولذا لم يتمكن الجميع من النوم في نفس الوقت، لكنهم ناموا بالتناوب: “كنا ننام تحت مرحاض غارق في المياه. كانت بعض المراحيض مكسورة ويتسرب منها الماء إلى مكان نومنا”.

وصف أيضا سوء المعاملة من قبل الحراس: كان الضرب من الأمور اليومية. ذات يوم، ضربني الحراس بعصا مطاطية بشدة. نُقلت إلى غرفة أخرى. لم يكن هناك سبب، كان ذلك لمجرد أنني كنت أقف في مقدمة الصف، والنتيجة تورم جسدي.

بعد 14 شهرا في مركز احتجاز الرياض، نُقل “كاليب” إلى مركز ترحيل الشميسي في جدة.

قال المرحلون التيغرانييون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنه بمجرد وصولهم إلى مطار أديس أبابا بولي الدولي من السعودية، التقت بهم الشرطة الفيدرالية الإثيوبية وممثلون عن المنظمات الإنسانية ونقلوهم بالحافلات إلى المراكز التي تديرها الحكومة في أديس أبابا.

في المراكز، يمكن للمرحلين الحصول على الطعام والماء والمراحيض والاستحمام، ويمنحون من ألف إلى ألفين بير إثيوبي (20 إلى 40 دولار) ومكانا للإقامة في المراكز لمدة ليلة إلى ليلتين، رغم أنه لا يُسمح لهم دائما بالمغادرة بعد هذه الإقامة الأولية.

تدير الحكومة ما لا يقل عن 8 مراكز لإيواء المرحلين التيغرانيين في أحياء مختلفة من أديس أبابا. تحدثت هيومن رايتس ووتش مع المرحلين الذين قالوا إنه يوجد نحو ألف مُرحل في شيرو ميدا، و400 في ووزن، ونحو 800 في ميغيناغنا.

قال عديد منهم إن الشرطة الفيدرالية في مركز الاستقبال بأديس أبابا أخبرتهم أنهم لا يستطيعون مغادرة المركز ما لم يكن لديهم قريب في العاصمة يمكنه اصطحابهم، رغم السماح لبعضهم بالمغادرة بعد بضعة أيام. ليس من الواضح سبب عدم السماح لآخرين بالمغادرة إلا إن كان لديهم قريب يكفلهم.

نقلت الشرطة الفيدرالية عديدا من الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش دون كفيل إلى مركز حكومي آخر في منطقة شيرو ميدا. احتُجز الرجال والنساء معا في البداية لكن في غرف منفصلة في شيرو ميدا، حتى منتصف سبتمبر/أيلول، حين نقلت السلطات حوالي 400 امرأة إلى منشأة في ووزن على مشارف أديس أبابا.

قال اثنان من المرحلين إن الشرطة الاتحادية دخلت في 21 نوفمبر/تشرين الثاني مركز شيرو ميدا عند منتصف الليل وأخذت 150 على الأقل من المرحلين الذكور بالحافلة إلى جيما في منطقة أوروميا إلى منشأة احتجاز بدائية حيث أجبرتهم “ميليشيا محلية” ترتدي زيا أخضر داكن على العمل في مزارع البن القريبة حتى سبع ساعات يوميات دون أجر. وصف “تيكلي” (27 عاما) الظروف في جيما:

“حذرتنا [الميليشيات المحلية] من التحدث باللغة التيغرانية في هذه المنطقة. أجبرنا على العمل في مزارع البن طوال اليوم بلا طعام. عندما كنا نعود من المأوى، كانوا يحتجزوننا في الداخل ويعطونا فقط الذرة المسلوقة لنأكلها. ننام في منزل بسيط، على الأرض دون بطانيات أو فرشات. كانت هناك حشرات على الأرض تلسعنا”.

في يوليو/تموز، توسع نزاع تيغراي إلى منطقتي أمهرة وعفار المجاورتين، واشتدت حدة القتال في منطقة عفار في أواخر يوليو تموز وأغسطس/آب ما أسفر عن نزوح واسع في المنطقة.

قال 14 عائدا تيغرانيا إنه سُمح لهم في الفترة بين أبريل/نيسان وأغسطس/آب بمغادرة مركز الاستقبال في أديس، وحاولوا العودة إلى تيغراي إما بالطائرة إلى مطار سيميرا في منطقة عفار، أو بالحافلة.

ذكر العديدون اعتقالات وإخفاء لتيغرانيين في أديس كسبب لرغبتهم في مغادرة المدينة. اعترضتهم الشرطة الاتحادية وشرطة عفار معا أو بشكل منفصل في مطار سيميرا أو عند ست نقاط تفتيش في منطقة عفار.

قالوا إن الشرطة احتجزتهم عند نقاط التفتيش أو في مواقع احتجاز مؤقتة لمدة يوم إلى ثلاثة أيام، ثم أجبرتهم على ركوب حافلات ونقلتهم إلى مراكز احتجاز في سيميرا أو شون في جنوب إثيوبيا.

قال العديد منهم إنهم احتُجزوا دون طعام ومع القليل من المياه. أمضى “برهي” (34 عاما)، تيغراني مُرحّل من السعودية في يوليو/تموز، يومين في مركز في أديس، ثم حاول العودة إلى تيغراي:

عند نقطة تفتيش بالقرب من لوغيا [عفار]، أوقفت الشرطة الاتحادية الحافلة. صعد أفرادها إلى الحافلة وتفقدوا وثائقنا الثبوتية [جواز مرور حصلوا عليه من السفارة الإثيوبية في السعودية].. وأخذوا هواتفنا الخلوية.

مكثنا عند الحاجز ثلاثة أيام وثلاث ليال. قضينا كل الوقت في الحافلة. الحاجز بعيد جدا عن المدينة. لم يكن لدينا طعام أو ماء. في اليوم الرابع أخذونا إلى أواش [منطقة عفار]. … لم نكن نعرف إلى أين نتجه ولم نتمكن من الاتصال بعائلاتنا.

أمضى ليلة أخرى في الحافلة عند نقطة تفتيش في أواش قبل نقله إلى مركز احتجاز في شون، حيث مكث خمسة أشهر أخرى.

قالت “ترهاس”(33 عاما)، امرأة تيغرانية مرحّلة من السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2020، إن الشرطة الاتحادية أوقفتها عند نقطة تفتيش في أواش سبات بمنطقة عفار في أبريل/نيسان، ووضعتها في حافلة، وأخذتها إلى “معسكر للجيش” قرب نقطة التفتيش حيث احتجزت رفقة قرابة 700 من المرحّلين التيغرانيين. بعد يومين أخذوها إلى شون. قالت:

استغرق الأمر يوما للسفر إلى الجنوب [شون]. قضينا ليلة أخرى في الحافلة. لم يكن هناك طعام أو ماء – كانا يومين صعبين للغاية. طلبنا من الشرطة الاتحادية الطعام والماء واستعمال المرحاض، لكننا كنا نُضرَب كلما تركنا مقاعدنا. قالوا: ’قطاع الطرق لا يحتاجون إلى طعام‘.

أوقفت الشرطة الحافلة في بعض البلدات لشراء الطعام والشراب لأفرادها. عندما حدث ذلك، غادر الركاب مقاعدهم، وضربتهم الشرطة بشيء مثل الأسلاك في أيديهم.

سافر “هاغوس” (24 عاما) وهو تيغراني مرحّل من المملكة العربية السعودية في يونيو/حزيران، بالطائرة إلى سيميرا مباشرة بعد وصوله إلى مركز الاستقبال في أديس. قال:

أوقفتنا الشرطة [الاتحادية] في مطار سيميرا وتفقدت هواتفنا الخلوية لمشاهدة الصور التي كانت بحوزتنا. إذا ما وجدوا علم تيغراي أو أي شيء متعلق بوضع [تيغراي]، فسيحتفظون بالهاتف الخلوي. جُمعنا [المرحلون التيغرانيون] في زاوية واحدة.

قالوا إنه لا يمكننا السفر إلى تيغراي؛ كان ذلك غير آمن. نُقلنا إلى مجمع كبير في سيميرا. كان هناك الكثير من الناس. الجميع من تيغراي ومعظمهم من المرحلين من المملكة العربية السعودية. كان بعضهم من أديس – احتُجزوا في أديس ونقلوا إلى هناك.

أمضى “هاغوس” ليلة ممطرة في فناء مكشوف في مجمع. قال: “لقد أغرقنا المطر”. ثم اقتادته الشرطة مع آخرين إلى شون. طلبوا من الشرطة إطلاق سراحهم قبل وصولهم إلى شون: “قلنا، حتى لو كانت هناك حرب في تيغراي، فإننا نريد الذهاب. قالوا: لا”.

يتمتع المرحّلون التيغرانيون المرسلون إلى مراكز في أديس، بحرية تنقل أكبر بشكل عام مقارنة بالمرافق الإقليمية، التي كانت بمثابة مراكز احتجاز. في ميغينانيا في أديس، قال المرحلون الذين تمت مقابلتهم إنه كان بإمكانهم المغادرة لكنهم اختاروا ألا يفعلوا ذلك خوفا من الاعتقال في الشوارع.

قال “هابتوم” (35 عاما): “كان مسموحا لنا بالخروج لكننا لم نفعل ذلك لأننا كنا خائفون من أن نُعتقل. سنبقى [في المركز] حتى يجبروننا على المغادرة”.

قال المرحلون في شيرو ميدا إنهم كانوا يحتاجون إلى إذن من الشرطة الاتحادية للمغادرة، وقال أولئك الموجودون في ووزن، منشأة للنساء، إنهم بحاجة إلى كفالة من أحد الأقارب.

الظروف في مراكز الاحتجاز في شون وسيميرا كانت أقسى بكثير. قال المرحّلون في سيميرا إن شرطة عفار التي أدارت المنشأة كانت تسمح لهم فقط بمغادرة غرفهم لمدة 30 دقيقة في الصباح وفي وقت متأخر بعد الظهر للحصول على الماء واستخدام المرحاض. وصف “دانيال” (40 عاما) المرحّل من السعودية في أغسطس/آب، منشأة سيميرا:

تبدو كمستودع مبني من كتل خرسانية جوفاء. لا توجد بالداخل أسرة أو فراش، كنا ننام على الأرض. إنه مجمع كبير محاط بسياج طويل، يحرسه العديد من أفراد شرطة [عفار].

لا يسمح لنا بالمغادرة. لا يمكننا السير إلا داخل المجمع حيث نبقى طوال الليل. هناك نساء وأطفال أيضا – نحن نعاني حقا. باستثناء 6 إلى 10 أشخاص من [بلدة] سيميرا، كنا أكثر من 800 مُرحل من السعودية.

لم يتمكن المرحلون في شون من مغادرة غرفهم إلا لفترات محدودة للحصول على الطعام والماء والمرحاض، لكن لفترات أطول من تلك الموجودة في سيميرا.

قال المرحلون في شون وسيميرا وشيرو ميدا إن الشرطة الاتحادية أو شرطة عفار اعتدت عليهم أثناء الاحتجاز أو أنهم شاهدوا ضباط شرطة يضربون مرحلين تيغرانيين آخرين بعصي مطاطية أو خشبية.

قال دانيال إن الشرطة الاتحادية اعترضته في مطار سيميرا وهو في طريقه إلى تيغراي واقتادته إلى مرفق احتجاز سيميرا. هناك، ضربت شرطة عفار المعتقلين. واتهمتهم فعليا بأنهم مقاتلين تيغرانيين من خلال الإشارة إليهم على أنهم من “الزمرة العسكرية”، وهو مصطلح استخدمته الحكومة الإثيوبية لوصف الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

قال: “كانوا يضربوننا – كان ذلك أسوأ من السعودية. ضربنا عناصر الشرطة وأساؤوا إلينا وشتمونا. … تعرضت للضرب. ضربونا بالعصي المطاطية التي كانت بحوزتهم. في بعض الأحيان كانوا يضربوننا بعصي خشبية. كل يوم، هذا طبيعي”.

“غويتوم” (22 عاما) اعتُرض في أواش سيبات في عفار بعد ترحيله من السعودية في أغسطس/آب، واقتيد إلى مرفق احتجاز شون. قال إن الشرطة الاتحادية هي التي كانت تدير المركز:

يضربوننا… يضربوننا كل يوم تقريبا – البعض بسبب وجود اضطراب ما. عندما تريد الشرطة الاتحادية إغلاق المنشأة ويذهب الناس إلى المرحاض في اللحظة الأخيرة، يتعرضون للضرب.

لا توجد إصابات خطيرة، لكن الجميع يُضرَب. يستخدم مختلف أفراد الشرطة أشياء مختلفة لضرب الناس. يستخدم البعض أيديه أو أحذيته العسكرية.

في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، أقرت الحكومة الفيدرالية حالة طوارئ واسعة. اعتقل الآلاف من العرقية التيغرانية مجددا في إطار اعتقالات جماعية تعسفية في أديس أبابا.

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، حوالي منتصف الليل، دخل سبعة من ضباط الشرطة الاتحادية المسلحين إلى منشأة شيرو ميدا واختاروا نحو 100 من المرحّلين التيغرانيين، وجميعهم من الشباب. أجبرتهم الشرطة على السير إلى مركز شرطة قريب.

قال شاهد إن الشرطة ألقت القبض على عدة رجال حاولوا الفرار أثناء السير القسري وضربتهم. قضى الرجال الليل في الخارج في البرد. في صباح اليوم التالي، أجبرتهم الشرطة على ركوب حافلتين واقتادتهم إلى جيما في جنوب غرب إثيوبيا.

قال “أندوم” (32 عاما) في جيما الآن، إن “قادة الميليشيات المحلية” أجبروه والمرحلين الـ150 الآخرين على العمل في مزارع البن، على بعد نصف ساعة سيرا على الأقدام من مرفق الاحتجاز الأولي حيث احتُجزوا.

قال أندوم:

عملنا من ست إلى سبع ساعات كل يوم. علينا جمع كيلوغرام واحد على الأقل من حبوب البن في اليوم. أجبرنا على العمل الشاق وتغطية مساحة كبيرة لقطف ما يكفي من حبوب البن. لم نحصل على الماء أثناء العمل. هناك ثلاثة أشخاص مرضى الآن بسبب هذا.

بناء على صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو وشهادات الشهود، حددت هيومن رايتس ووتش منشأتين – في بلدتي سيميرا وشون – استُخدمتا على الأرجح لاحتجاز المرحلين التيغرانيين.

توصل تحليل هيومن رايتس ووتش إلى أن مركز احتجاز محتمل للتيغرانيين يقع في مجمع يبعد أقل من كيلومترين شمال مطار سيميرا.

قال من أجريت معهم المقابلات إنهم كانوا محتجزين في مكان مجاور للكنيسة الوحيدة في سيميرا، بالقرب مما يعتقدون أنه مجمع عسكري. يُظهر مقطع فيديو نُشر على فيسبوك في 21 أغسطس/آب، من داخل مجمع محاط بسور، ما يبدو أنه خمسة أشخاص يُجبرون على التدحرج على الأرض.

حددت هيومن رايتس ووتش الموقع المحتمل للمجمع من خلال مطابقة المعالم الظاهرة في الفيديو مع صور الأقمار الصناعية، لكنها لم تتمكن من تأكيد تاريخ تسجيل الفيديو. تؤكد مراجعة صور الأقمار الصناعية التاريخية للموقع أن المجمع بُني في أوائل أبريل/نيسان 2021، مما دفع هيومن رايتس ووتش إلى حصر التاريخ إلى وقت ما بين أوائل أبريل/نيسان و21 أغسطس/آب، عندما نُشر الفيديو على الإنترنت.

في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ظهرت على صور الأقمار الصناعية صفوف من المركبات العسكرية داخل ما يبدو أنه مجمع عسكري، على بعد عشرات الأمتار من مركز الاحتجاز المحتمل.

"

حددت هيومن رايتس ووتش، بتحليل صور الأقمار الصناعية وروايات الشهود، مركز الاحتجاز المحتمل باسم كلية شون الزراعية في جامعة واتشامو. يتوافق التصميم والميزات مع الأوصاف الواردة من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم.

التوصيات

إلى الحكومة الأثيوبية

  • إبلاغ عائلات التيغرانيين وغيرهم من المحتجزين على الفور بمكان وجود أقاربهم، والسماح للمحامين وأفراد أسرهم بالتواصل مع المحتجزين.
  • الإفراج الفوري وغير المشروط عن التيغرانيين والمحتجزين الآخرين الذين لم توجه إليهم تهم بارتكاب جريمة جنائية معترف بها.
  • وضع حد للتنميط العرقي للتيغرانيين، بما في ذلك الاعتقال الروتيني للتيغرانيين المرحلين من السعوديين لدى وصولهم إلى البلاد.
  • التأكد من أن جميع مراكز الاستقبال ومنشآت الاحتجاز الرسمية تلبي المعايير الدولية. إغلاق جميع مرافق الاحتجاز غير الرسمية.
  • إجراء تحقيق محايد وتأديب أو مقاضاة جميع المسؤولين المتورطين في إساءة معاملة المحتجزين، حسب الاقتضاء.
  • إنهاء استخدام المرحلين التيغرانيين في العمل القسري والإفراج عن جميع المحتجزين لهذا الغرض.

إلى الحكومة السعودية

  • استخدام احتجاز المهاجرين فقط كإجراء استثنائي يُلجأ إليه كملاذ أخير، والإفراج على وجه السرعة عن المحتجزين الذين لم يمثلوا أمام قاضٍ لتحديد الأساس القانوني أو ضرورة احتجازهم.
  • التأكد من أن مراكز احتجاز وترحيل المهاجرين تفي بالمعايير الدولية.
  • إجراء تحقيق محايد وتأديب أو مقاضاة جميع المسؤولين المتورطين في إساءة معاملة المحتجزين، حسب الاقتضاء.
  • وقف ترحيل التيغرانيين إلى أثيوبيا بسبب الخطر الحقيقي من الاضطهاد الذي يواجهونه.
  • ضمان أن يكون لدى مفوضية اللاجئين الوصول الكامل لتقييم أي شخص يطالب بوضع اللاجئ.
  • تسهيل إعادة توطين اللاجئين الذين حددتهم مفوضية اللاجئين على أنهم بحاجة إلى إعادة التوطين.

إلى الحكومات المعنية

  • زيادة أماكن إعادة توطين المتاحة للاجئين التيغرانيين في السعودية.
  • توسيع المسارات التكميلية للتيغرانيين المحتجزين في السعودية للمغادرة بأمان وكرامة.
قد يعجبك ايضا