رفض شعبي للتطبيع في الأردن مع استمرار السلطات بسياساتها القمعية الممنهجة

اتضح من الأحداث التي حصلت في السنة الماضية تحول الأردن إلى دولة قمعية. من هذه الأحداث الهجوم الصارخ على النقابات وفي مقدمتها نقابة المعلمين.

وكذلك الاعتقالات الكيفية بحق نقابيين، صحفيين، طلبة، ناشطي المجتمع المدني، وناشطين سياسيين.

يُضاف إلى ذلك أن الحريات المدنية لاتزال مقيدة بشكلٍ كبير في الأردن. وأن أي شخص ينتقد السلطات يتعرض للمضايقة والاعتقال والسجن.

لقد فاقمت جائحة كورونا المخاوف في البلاد، وكشفت عن هشاشة العدالة الاجتماعية فيها. وثبت قصور الحكومة في ضمان الحقوق المدنية والسياسdة خاصة في ظل اوامر الدفاع السارية خلال الجائحة.

يعم الشارع الأردني حالياً حالة من الغضب والرفض الشعبي حول ما تمت تسميته “وثيقة إعلان النوايا”. حيث تم التوقيع على هذه الوثيقة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بين الاردن واسرائيل، اضافة الى الإمارات.

يهدف الإعلان إلى البدء بدراسة جدوى لقيام شركة إماراتية بتوليد الطاقة المتجددة. هذا بالاضافة إلى نقل المياه للأردن بعد تحليتها في مشروعٍ مشترك للطاقة والمياه، يحمل عنوان “الكهرباء مقابل الماء”.

رفض الرأي العام الأردني، نيابيا وحزبيا أو نشطاء الإنترنت على منصات التواصل الاجتماعي، خطوة التوقيع على هذا الإعلان. في وقتٍ يشهد انتهاك واسع النطاق لحقوق الشعب الفلسطيني وبضمنها حق في تقرير المصير.

ازدحمت منصات التواصل الاجتماعي بالآراء الرافضة للمشروع. ودشن نشطاء وسم “التطبيع خيانة” على تويتر الذي شهد أكثر من 10 آلاف تغريدة منددة بالاتفاقية. إضافة لدعوات للتظاهر بمنطقة وسط البلد في العاصمة عمان.

تجمع عدد من الناشطين الرافضين للمشروع قرب دوار الداخلية وسط العاصمة الأردنية عمّان. في محاولة لتنظيم اعتصام مفتوح احتجاجا على الاتفاقية. ليصار إلى اعتقال نحو 13 منهم بسبب التعبير عن رفضهم للاتفاقية ودعوتهم لوقفة احتجاجية ضدها. لقد أطلق سراحهم لاحقاً بعد احتجاز وجيز.

لقد نفذ طلاب في الجامعات الأردنية وقفات احتجاجية حاشدة معبرين عن الرفض المطلق لهذا الاتفاق. لكنهم سرعان ما تلقوا تهديدات مباشرة من عميد شؤون الطلبة في جامعة الزيتونة. الذي حذر بفصلهم لمشاركتهم في الاحتجاجات بالحرم الجامعي.

كما منع العميد وبدعم من أفرادٍ من الأمن الجامعي الوقفة من أن تتم، مما دفع الطلاب لتغيير مكانها. ثم طلب العميد من بعض أعضاء هيئة التدريس المرافقين له الشروع في تصوير وجوه المشاركين. ثم قام بإصدار تهديدات مستهدفة بالفصل والعقاب ضد كل من شارك في الاحتجاجات.

وكانت القوات الأمنية قد سحبت بطاقات الهوية الجامعية لعدد من طلبة جامعة الزيتونة، وعرضتهم على لجان تحقيق. ثم قام بإلغائها وإعادة هوياتهم إليهم، بعد ضغوطٍ من مجالس الطلبة.

بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أقدمت القوات الأمنية بعد تلقيها أوامر مباشرة صادرة عن دائرة المخابرات العامة على اقتحام منزل الصحفي السوري “إبراهيم عواد” في العاصمة عمان، واعتقلته تعسفياً دون بيان الأسباب، بعد أن قامت بمصادره كافة معداته الإلكترونية الشخصية. لم توجه ضده أية تهم محددة.

 

الصحفي السوري "إبراهيم عواد"
الصحفي السوري “إبراهيم عواد”

 

تم نقله في نفس يوم اعتقاله إلى مخيم الأزرق للاجئين الذي تديره الأمم المتحدة والواقع على بعد 100 كم شرق عمان، حيث لا يزال على ما يبدو قيد الإقامة الجبرية ويواجه خطر الترحيل إلى بلده سوريا بين عشية وضحاها.

أكدت مصادر محلية موثوقة تعرضه للضرب والمضايقات والمعاملة السيئة خلال نقله بسيارة تابعة للقوات الأمنية الى المخيم.

يقيم “إبراهيم” (33 سنة) ومتزوج وله طفلين، في الأردن منذ سنة 2015 بعد أن غادر مسكنه في محافظة درعا بسوريا. ويعمل لحساب مؤسسات إعلامية مختلفة.

يعمل كصحفي مستقل يغطي حقوق الإنسان والنزاع في سوريا، والانتهاكات التي تقوم بها الحكومة السورية. استخدم حسابه على تويتر لرصد الانتهاكات التي كانت تحصل في سوريا.

بالرغم من التصريحات الرسمية عن الإصلاح، وبالتزامن مع السعي لإقرار مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية التي تقدم ضمانات أوسع للإصلاح السياسي، إلا أن الشواهد تؤكد أن نهج التضييق يتغول على الحريات السياسية والنقابية والحريات العامة التي كفلها القانون والدستور.

استنكر مركز الخليج لحقوق الإنسان بأقوى العبارات كل الإجراءات التعسفية التي تقوم بها السلطات الأردنية وقمعها الممنهج ضد نشطاء المجتمع المدني والمحتجين المسالمين من المواطنين والطلبة.

وطالب المركز الحكومة الأردنية توفير الحماية الكاملة للصحفي “إبراهيم عواد” حيث إن إعادته قسراً إلى بلده سوريا ستعرض حياته إلى خطرٍ داهم.

ودعا مركز الخليج الحكومة الأردنية إلى الكف عن إجراءاتها القمعية فوراً وحماية الحريات العامة في البلاد. وطالبتها بضمان حرية التعبير وحرية التجمع السلمي والتظاهر.

قد يعجبك ايضا