الأورومتوسطي: الاتحاد الأوروبي يحتجز المهاجرين ويعذبهم في مرافق سرية على الحدود

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – وصف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مكان احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء في بلغاريا بـ”حظيرةً خنازير صغيرة ذات بوابة خشبية متهالكة”.

ولكن بدلًا من احتواء هذه الحظيرة على الحيوانات وحزم القمح، تحتوي هذه الحظيرة على أشخاص محبوسين خلف قضبان حديدية.

أعمارهم المحتجزين فيها غير واضحة ووجهتهم مجهولة، ولكن الواضح أنهم جميعًا شبان ذوو بشرة بنية يرتدون سترات وأحذية رياضية.

وبعضهم يرتدي قبعات البيسبول بشكل عكسي، كما لو كان استعراضاً صغيراً للقوة في لعبة أو سباق رياضي وليس رد فعل على كثرة انتهاك حقوقهم الإنسانية.

حيث تتحفظ السلطات على عشرات الرجال في قفص متهالك من الخشب والحديد وعلى ما يبدو خارج حدود الزمان والمكان.

ليس معروفًا كم من الوقت مكثوا هنالك، والأهم من ذلك، كم من الوقت سيبقون، ولكن على الأقل نعلم سبب وجودهم في هذا الوضع.

فهؤلاء مواطنون من دول ثالثة من جنوب الكرة الأرضية يحاولون دخول أوروبا بدون تأشيرة وهم ذاتهم من يُفترض أنهم يهاجرون سعيًا لحياة أفضل أو طلبًا للجوء والحماية.

يُحتجز هؤلاء الأشخاص ويتعرضون للأذى في مثل هذه المواقع غير الرسمية لسبب واحد فقط: الدول الأوروبية لا تريدهم ولا تريد رؤيتهم ولا تريد أن تكون مسؤولة عنهم، حتى لو كلّف ذلك انتهاك القانون الأوروبي والقانون الدولي.

يوجد شواهد كثيرة على تجاهل الدول الأعضاء للقانون الدولي، من أبرزها رفض إصدار تأشيرات دخول لأفراد من دول معينة حتى بعد استيفاء جميع متطلبات التقديم، وصد وإرجاع الواصلين إلى أوروبا.

بالإضافة إلى عدم وجود ممرات آمنة وقانونية مفتوحة على الرغم من حاجة الدول الأعضاء إلى أيدي عاملة وتلهُّف المهاجرين للحصول على عمل.

ومن اللافت أنّ الدول الأوروبية التي تسلك هذا المسلك غير المعقول تحتجز المهاجرين في منشآت سرية وغير رسمية على طول حدود الاتحاد الأوروبي قبل ترحيلهم بشكل غير قانوني.

أشخاص من جميع الأعمار، بما في ذلك الأطفال، محاصرون في حظائر متهالكة كما في بلغاريا، أو محتجزون في شاحنات صغيرة شديدة الحرارة ومكتظة كما في كرواتيا، أو تتحفظ عليهم السلطات في حاويات في محطة وقود معزولة كما في المجر.

ونظرًا لأن هذه المواقع ليست مراكز احتجاز أو استقبال رسمية، فهي لا تخضع للتدقيق المستقل والوصول العام.

من الواضح أن المهاجرين لا يُعتبرون أولوية في المجال العام، إذ إنّ اعتبارهم أصحاب حقوق واحتياجات ورغبات قد يدفعهم للمطالبة ببعض الضمانات الأساسية كالحق في الماء والغذاء والمأوى المناسب والحماية، وليس فقط الحق في طلب اللجوء.

لا يمكن تبرير هذه المعاملة المروّعة تحت أي ظرف من الظروف أو نتيجة لأي عمل من أي شخص، مهما كان خطيرًا أو إجراميًا.

ومع ذلك، تصبح المعاملة اللاإنسانية والمهينة للمهاجرين وطالبي اللجوء طبيعيةً أكثر فأكثر في أوروبا.

إذ أصبحت المناطق الحدودية ومراكز الاحتجاز والمواقع النائية أرضًا خصبة للقمع الشديد والعنف وأعمال التعذيب في جميع أنحاء القارة الأوروبية.

مشاهد الحظائر والشاحنات الصغيرة والحاويات ليست حالات منعزلة، بل جزء من نظام هندسي يموله ويغذيه الاتحاد الأوروبي نفسه.

وإنّ وجود “المواقع السوداء” ومراكز الاعتقال السرية التي يُحتجز ويُعذّب فيها الأشخاص بشكل تعسفي قبل إرجاعهم عبر الحدود، هو أمر قد يكون متصورًا إلى حد كبير في الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي.

هذا الاتحاد ذاته الذي اتهمه المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان أخيرًا أمام المحكمة الجنائية الدولية بأنه مسؤول عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت ضد المهاجرين واللاجئين في ليبيا.

وهو أيضًا نفسه الذي سمح قبل أسابيع لحرس الحدود من وكالة “فرونتكس” التابعة له بإطلاق الرصاص الحي على فتىً سوري يبلغ من العمر 19 عامًا على الحدود البلغارية التركية.

وهو نفسه الذي سمح منذ عام 2014 باختفاء أكثر من 25,331 شخصًا مستضعفًا في البحر الأبيض المتوسط.

إن النظام الأوروبي المتشدد والمتمثل بالتجريم والاستعانة بمصادر خارجية والاحتواء بأي ثمن والداعم للسلطات الوطنية والأوروبية واضحٌ تمامًا.

في بلغاريا، وتحديدًا في بلدة “سريديتس” القريبة من الحدود التركية، يُحتجز المهاجرون بشكل روتيني وغير رسمي في بناء صغير يشبه القفص بجوار مركز شرطة حدودي، حيث يتمركز 10 ضباط من “فرونتكس”.

وفي حين أن المهربين وتجّار البشر ما يزالون مسؤولين عن نسبة صغيرة من العنف الذي يتعرّض له المهاجرون أثناء رحلاتهم الخطرة، إلا أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين ترعاهم منظمة “أطباء بلا حدود” اعتبروا أنّ الجناة هم السلطات في الدولة، خاصةً قوات الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي في بلغاريا والمجر وكرواتيا بشكل أساسي.

ومع عدم وجود ممرات قانونية أو آمنة لطلب اللجوء أو الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، يتعرض الرجال والنساء والأطفال المهاجرين للعنف العشوائي والمتكرر، سواء من السلطات الأوروبية أو المهربين بغض النظر عن الوقت أو المكان أو الوضع.

ولا يتم معالجة أي عمل من أعمال العنف، بما في ذلك الضرب بالعصي واستخدام أشكال أخرى من العنف الجسدي مثل الركل واللكم والجرح بشفرات الحلاقة والسكاكين.

وتشمل أعمال العنف حتى كسر الجماجم والحرمان من الطعام والماء والاحتجاز التعسفي فضلًا عن السرقة وإتلاف المتعلقات الشخصية، لا سيما الهواتف المحمولة.

لقد أصبح الاستخدام المؤسسي والمنهجي للتعذيب ضد المهاجرين وطالبي اللجوء أحد أعراض سياسة أوروبا الحالية في الاستعانة بمصادر خارجية، وأوروبا تعلم ذلك.

وفي ظل هذه السياسات غير الإنسانية، علّقت عدد من الدول الأعضاء العمل باتفاقية دبلن مع بعض دول الاتحاد الأخرى مثل المجر وبلغاريا واليونان لعدم ضمان “ظروف استقبال مناسبة”.

ويحظر مبدأ عدم الإعادة القسرية على الدول نقل أو إبعاد الأفراد -بغض النظر عن وضعهم- من ولايتها القضائية أو سيطرتها الفعلية عند الاعتقاد -لأسباب وجيهة- بأن الشخص سيتعرض لضرر لا يمكن جبره عند عودته.

قد يعجبك ايضا