المملكة المتحدة.. مكافحة الاتجار بالبشر تستدعي حماية طالبي اللجوء بدلًا من محاربتهم
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- انتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تعهد وزيرة الداخلية البريطانية بتشديد قوانين اللجوء في بلادها.
وصدر هذا القرار بالرغم من تزايد عدد الضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال المهاجرين في المملكة المتحدة.
وأشار المرصد إلى الحاجة الماسة لتوفير مزيد من الحماية للمهاجرين وطالبي اللجوء بدلاً من تقليلها، لمكافحة الاتجار بالبشر.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي، إنّ عدد ضحايا الاتجار بالبشر المحتملين في المملكة المتحدة ارتفع من 1,182 في عام 2012 إلى 10,613 في عام 2020.
وتضاعف عدد الأطفال منهم أربع مرات تقريبًا بين عامي 2016 و2020، إذ قفز من 1,279 إلى 4,946. وفي نهاية 2020، تجاوزت أعداد الأطفال المُحالين إلى آلية الإحالة الوطنية أعداد الأشخاص البالغين لأول مرة على الإطلاق.
ووصل في السنوات الأربع الماضية نحو 2,634 طفلًا من المهاجرين وطالبي اللجوء من ضحايا الاتجار بالبشر إلى المملكة المتحدة. ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك، فيما يستمر عددهم بالارتفاع عامًا بعد عام وفقًا للأرقام الرسمية.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ الأطفال غير المصحوبين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة معرضون للخطر بشكل خاص. إذ أثارت وكالة الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروبول) مخاوف من أن تجّار البشر يستهدفون الأطفال غير المصحوبين بشكل خاص. حيث فُقد المئات منهم في العام الماضي بعد دخولهم نظام اللجوء.
وأشار الأورومتوسطي أنّه يتم الإبلاغ عن فقدان طفل واحد من بين كل أربعة أطفال يتم الاتجار بهم. في حين يتم الإبلاغ عن فقدان طفل واحد من بين كل ستة أطفال غير مصحوبين يتم الاتجار بهم في المملكة المتحدة.
ولفت الأورومتوسطي أنّ الأطفال غير المصحوبين معرضون بشكل خاص للاعتداء الجنسي والاستغلال الإجرامي بعد اختطافهم. يحدث ذلك عقب وصولهم إلى المملكة المتحدة، أو بعد هروبهم من مرافق الإقامة بسبب ظروف الاستقبال السيئة.
حيث يوضع مئات الأطفال غير المصحوبين -بعضهم أقل من 16 عامًا- من الذين عبروا بحر المانش عبر قوارب صغيرة في فنادق متداعية. وهذا يعد انتهاك واضح لقانون الأطفال لعام 1989.
وأوضح الأورومتوسطي أن نظام اللجوء في المملكة المتحدة يشجع استغلال الأطفال ويتسبب لهم بأضرار جسيمة صحية ونفسية. مثل تدهور صحتهم العقلية وزيادة إقبالهم على الانتحار.
وأشار إلى أنّ التجاهل الممنهج لحماية حقوق الأطفال من المهاجرين وطالبي اللجوء ليس جديدًا. ففي عام 2018، فُقد ربع الأطفال الذين تم الاتجار بهم والذين كانوا تحت رعاية السلطات المحلية في المملكة المتحدة.
وفي مارس 2019، اختفى ما لا يقل عن 60 طفلاً فيتناميًا من الملاجئ الهولندية، يُحتمل أنه قد تم الاتجار بهم ونقلهم للمملكة المتحدة للعمل.
أما في عام 2020، فقد اتُهمت وزيرة الداخلية “بريتي باتيل” بممارسة الضغوط لتسريع عملية التقييم العمري للقصر غير المصحوبين بذويهم. فيما قدمت دعمًا قانونيًا وماديًا للمجالس التي واجهت دعاوى قضائية بسبب تقييمها الخاطئ لسن طالبي لجوء تبيّن أنهم قاصرون.
وفي مطلع العام الحالي، قالت وزيرة الداخلية “بريتي باتيل” إنّها تعتزم إنهاء “جولة المرح القانونية لطلبات طالبي اللجوء الزائفة” في عام 2022 من خلال تمرير مشروع قانون الجنسية والحدود، الذي يهدف لمنع “الدخول غير القانوني” عبر القناة وملاحقة مهربي البشر.
وحذّر المرصد الأورومتوسطي من تأثير مشروع القانون المحتمل على الأطفال من المهاجرين وطالبي اللجوء. وخاصة ضحايا الاتجار بالبشر كونه لا يميز بين البالغين والأطفال منهم. ويتطلب تقديم معلومات تتعلق بادعاء محتمل بالوقوع ضحية للاتجار بالبشر في تاريخ محدد.
أما إذا لم يتمكن الشخص من تقديم تلك المعلومات فسيفقد مصداقيته وبالتالي لن يتمكن من الحصول على الحماية.
وأضاف أنّ القانون يحرم أولئك الذين يشكلون “تهديدًا للنظام العام” (بما في ذلك القصر الذين أمضوا أحكامًا بالسجن لأكثر من عام بسبب انتهاكات للقانون ارتكبوها خلال فترة وقوعهم ضحايا للاتجار بالبشر) يحرمهم من تصنيفهم كضحايا للاتجار بالبشر ومن سلسلة من إجراءات الحماية.
وقال الأورومتوسطي: إنّ “أي طفل مفقود يجب أن يكون مصدر قلق بالغ الأهمية. لا سيما إذا كان غير مصحوب بذويه ومعزولًا أو واجه صدمة نفسية سابقًا. ولكنّنا في المقابل نشهد ارتفاعًا في عدد الأطفال المهاجرين وطالبي اللجوء من ضحايا الاتجار بالبشر في المملكة المتحدة وكذلك الحواجز التي تحول دون حمايتهم”.
وأضاف أنّ “مشروع القانون الجديد سيقوض من قدرة الدولة على تحديد وحماية ضحايا الاتجار بالبشر وسيتعارض تمامًا مع مبدأ مكافحة الاتجار بالبشر، ما يعني أن الضحايا هم من سيُعاقبون بدلاً من المتاجرين بهم”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المملكة المتحدة إلى حماية الأطفال من المهاجرين وطالبي اللجوء بما يتماشى مع التزاماتها الدولية. وطالب بضمان مراعاة مصلحة الطفل الفضلى واتخاذ إجراءات لمكافحة الاتجار بالأطفال واستغلالهم.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي على التأكد من أن السلطات مجهزة بشكل كافٍ لتحديد الأطفال المحتمل وقوعهم ضحايا للعبودية الحديثة على نحو سريع، وإيواء الأطفال من المهاجرين وطالبي اللجوء في مرافق آمنة ومناسبة نظرًا للصلة الوثيقة بين الإقامة غير المنتظمة والاستغلال.
وطالب المرصد الأورومتوسطي المملكة المتحدة بضمان امتثال مشروع قانون الجنسية والحدود للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية الأخرى الملزمة للمملكة المتحدة، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مجلس أوروبا بشأن إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر، وبروتوكول باليرمو التابع للأمم المتحدة، وبروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال.