السعودية: موجة إعدامات بحق مدانين كانوا أطفالًا وقت الجرائم المزعومة
أعلنت السلطات السعودية في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025 تنفيذ حكم الإعدام بحق عبد الله الدرازي، رجل أدين بارتكاب جرائم يُزعم أنه ارتكبها وهو قاصر.
ويعتبر الدرازي الشخص رقم 300 الذي تُنفذ بحقه الإعدامات في المملكة خلال العام الجاري، ما يعكس تصاعدًا غير مسبوق في استخدام عقوبة الإعدام في البلاد.
الدرازي، الذي كان يبلغ 17 عامًا وقت وقوع الجرائم المزعومة، أُلقي القبض عليه في أغسطس/آب 2014 بعد مشاركته في احتجاجات ومواكب تشييع، حيث تعرض للاعتقال والتعذيب، بما في ذلك الحبس الانفرادي والضرب وحرق وجهه وما حول عينيه، وأُجبر على توقيع اعتراف قسري.
وأصدرت “المحكمة الجزائية المتخصصة” الحكم بالإعدام عليه في فبراير/شباط 2018، وأكدت المحكمة العليا الحكم سرًا في 2023، قبل تنفيذه رسميًا في أكتوبر 2025.
وتتهم السلطات الدرازي بارتكاب “جرائم إرهابية”، بما في ذلك إنشاء “تنظيم إرهابي” يهدف إلى زعزعة الأمن وإطلاق النار على مقار الأمن ورجال الشرطة، وهو ما وصفته وزارة الداخلية السعودية بجرائم خطيرة. ومع ذلك، ترى منظمات حقوق الإنسان أن الإجراءات القانونية المتبعة لم تضمن محاكمة عادلة، وأن الحكم استند أساسًا إلى اعترافات قسرية، ما يثير تساؤلات حول التزام السعودية بالمعايير الدولية.
في 21 أغسطس/آب 2025، أُعدم جلال اللباد، الذي كان يبلغ 15 عامًا وقت ارتكاب الجرائم المزعومة، على خلفية مشاركته في احتجاجات ومواكب تشييع.
ولم يتم إعلام عائلته بتاريخ الإعدام، واكتشفوا وفاته عبر وسائل الإعلام، ما أثار استنكار خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة الذين دعوا إلى إعادة جثته وإجراء فحص طبي شرعي مستقل.
وتؤكد منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” والمنظمات الأوروبية لحقوق الإنسان أن هذه الإعدامات تمثل انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية، بما في ذلك “اتفاقية حقوق الطفل”، التي تحظر استخدام عقوبة الإعدام بحق القاصرين.
وتشير التقارير إلى أن ستة أطفال آخرين على الأقل ما زالوا معرضين لخطر الإعدام، من بينهم يوسف المناسف وعلي المبيوق وجواد قريريص وعلي السبيتي وحسن الفرج ومهدي المحسن، على الرغم من دعوات خبراء الأمم المتحدة لوقف تنفيذ هذه العقوبات.
ويشير الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى أن احتجاز الدرازي واللباد وآخرين كان تعسفيًا، مؤكدًا خروقات مزمنة للإجراءات القانونية الواجبة والحق في محاكمة عادلة، بما في ذلك استخدام الاعترافات القسرية.
وتتزايد المخاوف الدولية من تصاعد وتيرة الإعدامات في السعودية، التي شملت 198 شخصًا على الأقل بتهم غير عنيفة تتعلق بالمخدرات، بالإضافة إلى إعدام صحفي معروف، ما يعكس سياسة صارمة تشمل جرائم لم ترتكب عنفًا مباشرًا.
ويقول خبراء حقوق الإنسان إن هذه الإجراءات تهدد سمعة المملكة الحقوقية على الصعيد العالمي، في وقت تحاول فيه الحكومة السعودية تلميع صورتها عبر استضافة فعاليات رياضية وثقافية كبرى.
قالت جوي شيا، باحثة شؤون السعودية والإمارات في “هيومن رايتس ووتش”: “بإعدام عبد الله الدرازي، اجتازت السلطات السعودية عتبتين مروعتين: 300 إعدام في الأشهر العشرة الأولى من 2025، والإعدام بحق شخص متهم بارتكاب جرائم عندما كان طفلاً. هذه الإعدامات تؤكد السجل الحقوقي المزرِي للمملكة”.
وتظل الدعوات الدولية لوقف استخدام عقوبة الإعدام بحق القاصرين مستمرة، حيث يطالب خبراء الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإنهاء الإعدامات غير القانونية، وإصلاح النظام القضائي لضمان الالتزام بالمعايير الدولية، وحماية حقوق الأطفال والمراهقين المتهمين.