الأمم المتحدة: بدون أفق واقعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فالانهيار مسألة وقت
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- عقد مجلس الأمن جلسة على مستوى وزاري برئاسة النرويج لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وتأتي الجلسة بعد ساعات على قيام السلطات الإسرائيلية بهدم منزل أسرة فلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2017 بحسب أعضاء من مجلس الأمن، وتشريد أفرادها.
وقدّم منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، “تور وينسلاند”، إحاطة افتراضية أمام المجلس صباح يوم الأربعاء. حيثتحدّث فيها عن الأوضاع على الأرض خلال الفترة الماضية، كما دعا فيها إلى إيجاد أفق لإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين.
وقال “وينسلاند” إنه السلطات الإسرائيلية نشرت عطاءات لبناء 300 وحدة استيطانية في حي “تلبيوت” الشرقي في القدس الشرقية المحتلة. وذلك على الرغم من أنها أرجأت مناقشة مقررة بشأن الاعتراضات على مخططين لإقامة حوالي 3,500 وحدة سكنية في منطقة E1 المثيرة للجدل.
في 10 كانون الثاني/يناير، قدّمت لجنة التخطيط في القدس خطة لبناء حوالي 800 وحدة سكنية بدلا من 182 وحدة قائمة في مستوطنة “جيلو”.
وفي 17 كانون الثاني/يناير، تقدمت لجنة التخطيط في القدس بخطة لبناء حوالي 1,200 وحدة سكنية بالقرب من “كيبوتس رامات راحيل”.
وقال “وينسلاند”: “أكرر أن جميع المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي ولا تزال تشكل عقبة كبيرة أمام السلام. أدعو حكومة إسرائيل إلى وقف المضي قدما بجميع الأنشطة الاستيطانية على الفور”.
في 19 كانون الثاني/يناير (اليوم الأربعاء)، أجلت القوات الإسرائيلية أسرة فلسطينية وهدمت منزلها في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. مما أدى إلى تشريد 12 فلسطيني، وبحسب التقارير أدى إلى عدد من الاعتقالات. وتشير إسرائيل إلى أنها ستبني مدرسة للأطفال الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقال السيد “وينسلاند”: “لا أزال قلقا من احتمال إجلاء عدد من العائلات الفلسطينية من منازلها التي عاشت فيها منذ عقود في حيي الشيخ جراح وسلوان في القدس الشرقية، والمخاطر التي تشكلها مثل هذه الأعمال على تصعيد العنف”.
ودعا السلطات الإسرائيلية إلى وضع حد لتشريد وإخلاء الفلسطينيين، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، والمصادقة على خطط إضافية من شأنها أن تمكّن المجتمعات الفلسطينية من البناء بشكل قانوني وتلبية احتياجاتها التنموية.
وبحسب الأمم المتحدة، هدمت السلطات الإسرائيلية أو استولت أو أجبرت أصحابها على هدم 54 مبنى مملوكا لفلسطينيين في المنطقة (ج) و23 في القدس الشرقية المحتلة. مما أدى إلى تشريد 102 من الفلسطينيين، بمن فيهم 26 سيدة و47 طفلا. وذلك بسبب عدم وجود تصاريح إسرائيلية، يكاد يستحيل حصول الفلسطينيين عليها.
وقد استمر العنف اليومي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية.
ففي الضفة الغربية، قتل الجيش الإسرائيلي ستة فلسطينيين. وتوفي شخص آخر في ظروف غير معروفة في سياق المظاهرات والاشتباكات وعمليات الدهم والهجمات، والهجمات المزعومة ضد إسرائيليين. وأصيب 249 فلسطينيا، بينهم أربع نساء و46 طفلا بجراح.
ونفذ مستوطنون ومدنيون إسرائيليون 28 هجوما ضد الفلسطينيين مما تسبب في ست إصابات ولحقت أضرار بالممتلكات. وقُتل فلسطينيان في ظل ظروف غامضة تتعلق بمركبات إسرائيلية مدنية، على حدّ قول السيد وينسلاند.
ونفذ فلسطينيون 89 اعتداء ضد مستوطنين إسرائيليين ومدنيين آخرين، مما تسبب بـ 15 إصابة وأضرار في الممتلكات.
أشار “وينسلاند” إلى أنه دون أفق واقعي لإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات السابقة. وأضاف: “فهي مسألة وقت قبل أن نواجه انهيارا خطيرا لا رجعة فيه وعدم استقرار واسع النطاق”.
وأضاف أن هناك حاجة ملحة إلى نهج منسق لمعالجة العقبات السياسية والاقتصادية والمؤسسية التي تعيق الطريق إلى عملية سلام هادفة.
وقال: “يجب معالجة التحديات قصيرة المدى والأزمات العاجلة. يجب أن نتأكد من أن الحلول الموضوعة تدفع بهدفنا النهائي قدما. وهو إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة”.
من جانبه، قال وزير الخارجية والمغتربين في دولة فلسطين، “رياض المالكي”، إن “إنكار إسرائيل لحقوق الفلسطينيين وتحديها للمجتمع الدولي مستمر منذ فترة طويلة لأنه يمكنها أن تعتمد على حقيقة أنه سيكون هناك انتقادات وإدانات، لكن لن تكون هناك عواقب. تريدون مساعدتنا على إنهاء هذا الصراع، ضعوا حدّا لإفلات إسرائيل من العقاب”.
وأشار إلى وجود تحيّز عندما يتعلق الأمر بإسرائيل: “إنه التحيّز الذي يحميها من أي شكل من أشكال المساءلة”.
وأشار إلى أن قرارات مجلس الأمن، توفر طريقا واضحا لسلام عادل، الطريق الوحيد للسلام، ومن مسؤولية هذا المجلس متابعة تنفيذ قراراته.
وأضاف قائلا: “لا يسعنا سوى أن نكرر النداء الذي وجهته روسيا لعقد اللجنة الرباعية على المستوى الوزاري في أقرب وقت ممكن. حيث أن حشد الجهود للخروج من المأزق الحالي أصبح مطلب حتمي”.
وقال الوزير الفلسطيني إن عام 2021 كان من أكثر الأعوام دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ أكثر من عقد، بما في ذلك على الأطفال الفلسطينيين. لا سيّما في قطاع غزة الذي يخضع للحصار. وقال: “لقد كان من أسوأ الأعوام من حيث هدم المنازل والنهوض بالوحدات الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والقدس الشرقية”.
وأوضح أن الأيام الأولى من عام 2022 شهدت مقتل المزيد من الفلسطينيين، حتى الأطفال والشيوخ. بالإضافة إلى الإعلان عن مخططات لوحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة واستمرار نزع الملكية والتشريد.
وقال: “في ظل هذه الظروف، سيكون التقاعس في أحسن الأحوال بمثابة التراخي وفي أسوأ الأحوال التواطؤ”.
ودعا إلى إنقاذ حل الدولتين كمطلب ملّح: “في ظل غياب هذا الشعور بالإلحاح، جهزوا أنفسكم لحضور جنازة هذا الحل مع كل ما يترتب على هذا الموت من عواقب على حياة ملايين الناس، الفلسطينيين وغيرهم”.
وفي كلمته أمام مجلس الأمن، قال المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان، إنه في الشهر الأخير، تم تنفيذ أكثر من 200 “هجوم إرهابي” من قبل الفلسطينيين ضد مدنيين إسرائيليين. وقال: “وقعت 143 هجمة بإلقاء الحجارة في شهر واحد فقط، و20 بقنابل يدوية وزجاجات مولوتوف في شهر واحد فقط، والعديد من حالات الطعن والدهس وإطلاق النار وغيرها من الهجمات العنيفة التي تعرّض حياة الإسرائيليين للخطر وتودي بحياتهم، كل ذلك في شهر واحد فقط.”
وجلب غلعاد إردان معه “صخرة” عرضها أمام مجلس الأمن، وقال: “هذه صخرة وليست حجرا صغيرا، هذه صخرة.. يتم إلقاء مثل هذه الصخرة باتجاه مركبات الإسرائيليين وعلى الحافلات.”
وأضاف أنه في عام 2021 وحده، عانى الإسرائيليون من 1,775 من هجمات بالصخور. وقال: “لكنّ العالم لم يقل شيئا. أيها الأعضاء، إذا تم إلقاء صخرة كهذه على مركباتكم أثناء قيادتها مع أطفالكم، فهل تعتبرون ذلك هجوما إرهابيا؟”.
وتساءل فيما إذا كان مجلس الأمن سيُدين “مثل هذه الهجمات الوحشية.”
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن السلطة الفلسطينية تواصل دفع رواتب “الإرهابيين” في سياسة تشجع على قتل “اليهود” على حد تعبيره.
وأضاف يقول: “مجلس الأمن هذا يواصل أيضا في فشله في إدانة الإرهاب الفلسطيني بصراحة. يتم إلقاء اللوم على إسرائيل وهي دولة فيها نظام قانوني قوي، ولا تقبل أبدا بالعنف والإرهاب، مهما كانت هوية مرتكبيه، فيما يتم تبييض ممارسات الفلسطينيين الإرهابية والتحريضية.”
وفيما يتعلق بما يحدث في حي الشيخ جراح، دافع غلعاد إردان عن إخلاء الأسرة الأسرة، وقال إنها “سرقت أرضا تقع في ملكية عامة وذلك لاستخدامها الشخصي”، مشيرا إلى أن هذه الأراضي مخصصة لبناء مدرسة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.