إحاطة رئيسة مواطنة في مجلس الأمن عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- شاركت “رضية المتوكل”، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان، بإحاطة أمام مجلس الأمن، في نقاش مفتوح بعنوان “الحروب في المدن: حماية المدنيين في المناطق الحضرية”.

كما قدم كلٌ من الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) “بيتر ماورير” إحاطتهما في ذات النقاش المفتوح.

نص إحاطة “رضية المتوكل” رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في النقاش المفتوح “الحروب في المدن: حماية المدنيين في المناطق الحضرية”:

25 يناير/ كانون الثاني 2022

السيد الرئيس، ممثلات وممثلو الدول الأعضاء المحترمون، السيدات والسادة.

شكراً لإتاحة الفرصة لأصوات المجتمع المدني للوصول إلى هذا المجلس.

أود أيضاً أن أشكر الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر على إحاطتهما.

سبق وأن قدمت إحاطة أمام هذا المجلس في 30 مايو/ أيار 2017 خلال جلسة خاصة بالوضع في اليمن.

خلال الفترة بين إحاطتي السابقة وإحاطتي التي أقدمها اليوم، لايزال المتحاربون في اليمن يفتكون بحياة المزيد من آلاف المدنيين والمدنيات، يدمرون المزيد من المنشآت المدنية والبنية التحتية، ويبددون الفرص العديدة لوقف سفك الدماء.

أتحدث إليكم هذه المرة من مكتبي في اليمن، حيث لايزال سفك الدماء مستمراً وبطريقة متهورة. في غضون أقل من شهر، وثقت (مواطنة) سبع غارات جوية نفذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات على مدنيين وأعيان مدنية، قُتل فيها ما لا يقل عن 107 مدنياً وجرح فيها ما لا يقل عن 106 آخرين.

كانت الهجمة الأكثر دموية تلك التي شُنت على مركز احتجاز في صعدة حيث قتل ما لا يقل عن 82 سجيناً وجرح ما لا يقل عن 163 آخرين بينهم من جرح بالذخيرة الحية التي أطلقتها عليهم جماعة أنصار الله (الحوثيين).

بالإضافة إلى ذلك، وخلال نفس الفترة، وثقت (مواطنة) 10 وقائع لهجمات برية وانفجار ألغام واستخدام للطائرات المسيرة من قبل أنصار الله (الحوثيين) والتي قتل فيها ما لا يقل عن تسعة مدنيين وجرح ما لا يقل عن 10 آخرين.

تستمر معاناة المدنيين والمدنيات، فيما ارتكبت جميع أطراف النزاع: جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) المدعومة إيرانياً، التحالف بقيادة السعودية والإمارات، الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، قوات المجلس الانتقالي والقوات المشتركة المدعومة إماراتياً؛ انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

الكثير من المدنيين والمدنيات في اليمن وقعوا ضحايا استخدام مختلف الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة، ابتداءً من المقذوفات عديمة التمييز، الألغام، الصواريخ الباليستية، وحتى الأسلحة الذكية كالقنابل الموجهة بالليزر والطائرات المسيرة.

كل مظاهر الحياة قد دمرت بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات وقاعات الأفراح والمآتم والمزارع والمصانع والممتلكات الثقافية. كل واحدة من هذه الأعيان لها معنى في حياة اليمنيين واليمنيات.

منذ بدء النزاع في اليمن في 2014، وثقت مواطنة لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 800 غارة جوية، وأكثر من 700 هجمة برية، وأكثر من 300 واقعة انفجار ألغام. كما وثقت (مواطنة) انفجارات ناتجة عن أجسام متفجرة واستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

أكثر من 3 آلاف مدني ومدنية قتلوا في هذه الهجمات، كما جرح أكثر من 4 آلاف آخرين. الأعيان المدنية أيضاً تضررت ودُمرت. في تقرير “صناع الجوع”، وثقت (مواطنة) كيف استخدمت أطراف النزاع الأسلحة المتفجرة كما هو الحال في الغارات الجوية والألغام كأداة لتجويع المدنيين.

في عدد كبير من هذه الوقائع، لم تتعرف (مواطنة) على أهداف عسكرية. وفي عدد آخر، كان الضرر على المدنيين متجاوزاً الميزة العسكرية الظاهرة. حدثت هذه الوقائع لأن أطراف النزاع وثقت بسياسة الإفلات من العقاب.

زرتُ شخصياً، كما هو حال العشرات من فريق (مواطنة)، مناطق مختلفة في اليمن، حيث رأينا البقايا المتناثرة للرجال والنساء والأطفال الأبرياء الذين لم يعرفوا لماذا قتلوا، رأينا كيف أن أسر بالكامل نامت بسلام في الليل ومع قدوم اليوم التالي كان عدد الناجين والناجيات صفراً.

شاهدنا قرى فقيرة لم تعرف التكنولوجيا الحديثة قط؛ لا هواتف ذكية، لا حواسيب، ولكنها استُهدفت بأحدث القنابل والمقذوفات التي أُسقطت من طائرات صُنعت في الدول الأغنى والأكثر تمدناً. القرى ذاتها لم تنجو أيضاً من أكثر الأسلحة تخلفاً.

رأينا أيضاً المدن اليمنية الرئيسية التي تحتضن أكبر عدد من السكان وهي تعاني من الحرب. كانت هذه المدن مركزاً لعمليات عسكرية واستُهدفت مراراً وتكراراً.

وعلى الرغم من كل الأحزان التي يعيشها اليمنيون واليمنيات، لايزال لدى مجلس الأمن والمجتمع الدولي القدرة لإحداث تغيير إيجابي. إلى جانب الدفع نحو سلام دائم، هناك عدد من القرارات التي بالإمكان اتخاذها لحماية المدنيين والمدنيات بصورة أفضل، وتشمل:

  • الضغط على أطراف النزاع لوقف استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة.
  • وقف صفقات الأسلحة، خصوصاً لتلك الدول التي لديها سجل سيء في انتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. إن المسؤولية ملقاة على عاتق الدول المصدرة للأسلحة، ومن غير المنطقي غض الطرف عن دورها.
  • الدفع نحو إعلان جديد لمنع استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة، لا سيما تلك التي تلحق ضرراً كبيراً وتتسبب في خسائر كبيرة للمدنيين والمدنيات.
  • تعزيز المساءلة للجرائم الدولية بدلاً من التمسك بسياسة الإفلات من العقاب. من غير الكاف التسمية والتشهير بأطراف النزاع وبسلوكها. يجب على المجلس، ومنذ وقت مضى، إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية.

إنه من المخجل أن نرى دولاً تقف في وجه جهود المساءلة الدولية، بما في ذلك الإنهاء المخز لولاية فريق الخبراء البارزين المعني باليمن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في مجلس حقوق الإنسان.

لا يزال الوقت متاحاً للتصحيح. على الدول دعم إنشاء آلية مستقلة ومحايدة من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي والمرتكبة في اليمن، ورفع تقارير علنية، وجمع وحفظ الأدلة، وتحضير ملفات للمساءلة الجنائية في المستقبل.

أؤمن أنه ما إذا وجدت الجهود الحقيقة لضمان المساءلة منذ بداية الحرب في اليمن، لما تجرأت أطراف النزاع على تدمير البلاد بالأسلحة المتفجرة، ولما أصبح اليمن أسوأ أزمة إنسانية كما هو اليوم.

شكراً السيد الرئيس.

قد يعجبك ايضا