قراءة في مسودة أول قانون عقوبات جزائية في السعودية
تم تسريب مسودة أول قانون عقوبات جزائية في المملكة العربية السعودية في يوليو 2022. لكن كانت المسودة مادة لاتهامات متعددة، نفتها المملكة على الفور.
ومع ذلك، أكّدت منظمة العفو الدولية، التي كانت أول من أثار الانتباه لعيوب النص، من أن عدة خبراء قانونيين سعوديين أكدوا صحة المسودة.
وفي الآونة الأخيرة، شاركت منظمة العفو الدولية تحليلها لمسودة القانون مع مجلس الوزراء السعودي والهيئة السعودية لحقوق الإنسان، اللذين أكّدا أنّ النص ما زال قيد المراجعة التشريعية.
مع ذلك، يثير تسريب المسودة مخاوف جدية بشأن مبادئ ولي العهد لتحسين معايير حقوق الإنسان. على وجه الخصوص، تسمح بعض البنود باتخاذ إجراءات تجريم التشهير؛ كما أنها تنص على عقوبة الإعدام للقصر وتمنح القضاة صلاحيات واسعة لتفسير الشريعة الإسلامية.
وتكوين قانون العقوبات الجزائية في السعودية يعتبر فرصة لتحديد الجرائم بشكل أفضل والتحقق مما إذا كانت العقوبات متوافقة مع معايير القانون الدولي.
مع ذلك، تفتقر المسودة المسربة إلى إطار تشريعي مفسر بشكل واضح (حيث يمكن تفسير الجرائم والعقوبات بشكل عام وفضفاض). كما أنها تجرم أفعالًا محمية بموجب القانون الدولي باستخدام العقوبات الجسدية وعقوبة الإعدام.
تم تضمين عقوبة القتل العمدي في مسودة القانون. حيث تنص على أنه يعاقب بالسجن من سبع إلى خمسة عشر عامًا.
ومع ذلك، ترك النص فجوات قانونية كبيرة تسمح للقضاة بتفسير ظروف الجريمة لتنفيذ عقوبة الإعدام على هذا الأساس.
على سبيل المثال، يمكن للقضاة فرض عقوبة الإعدام في حالات ارتكاب الجاني لجرائم “جدية” أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تسمح مسودة القانون بتنفيذ عقوبة الإعدام في حالات جرائم الحد، التي يعتبرها القرآن جرائم خطيرة.
ومع ذلك، يتضمن هذا النوع من الجرائم في السعودية بعض المخالفات مثل السرقة وشرب الكحول، التي تعتبر وفقا للقانون الدولي جرائمًا طفيفة وبالتالي يجب ألا يعاقب عليها بالإعدام.
وأخيرًا، أكثر ما يثير القلق في مسودة القانون هو تحديد سن المسؤولية الجنائية عند عمر السبع سنوات، حيث يمكن أن يعاقب الشخص أيضًا بالإعدام في هذا الوقت.
في هذا الشأن، أكدت لجنة حقوق الطفل مرارًا وتكرارًا أن سن المسؤولية الجنائية هو 12 عامًا وأن استخدام عقوبة الإعدام ضد القصّر محظور.
وتتضمن مسودة قانون العقوبات الجزائية مشكلة أخرى وقد دعت منظمة حقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) إليها كثيرًا وهي السلطة التقديرية الكبيرة للقضاة.
حتى مع احتمالية توفر نص مكتوب، يستخدم القضاة التقدير لتفسير الشريعة، مما قد ينتهك معايير قانون حقوق الإنسان.
وعبرت منظمة ADHRB عن قلق خاص بشأن تفسير التعزير، الذي، وفقًا للشريعة، لا يجب أن يصل إلى مستوى عقوبة الحد.
مع ذلك، في السعودية، يتوفر أمثلة تمكّن القضاة من أن يحكموا بالإعدام على أفراد باستخدام صلاحيات تفسيرية واسعة وفضفاضة.
وأقرت منظمة ADHRB بأن صياغة قانون عقوبات جزائية للسعودية ستكون مفيدة للقضاء من خلال تحديد إطار لعمله.
وتثير مسودة القانون مخاوف جدية بشأن مبادئ ولي العهد السياسية وموثوقية القوانين. لهذه الأسباب، توصي ADHRB المملكة العربية السعودية بأن تعدل مسودة القانون بشكل كبير وتضمن أن يتوافق نصها مع الالتزامات الدولية المعتمدة.